العدد: 9474
الأحد: 24-11-2019
يرى الكاتب الأمريكي (بول كيندي) في كتابه الشهير (ولادة وأفول القوى العظمى) ان الهيمنة الأمريكية، وصلت بعد الحرب العالمية الثانية إلى مرحلة لم تبلغها قوة قبلها، فقد تنامت الصناعات الأمريكية، وبخاصة بعد الثمانينيات، واتسع الاختراق الأمريكي المدني والعسكري في الميدان التكنولوجي وتعمقت الآثار الجانبية التي تركتها سياسة التحرير الاقتصادي المتواصلة من عهد ريغان إلى عهد كلينتون، والتفوق الثقافي والعلمي الأمريكي في عصر المعلوماتية الجديد، بالإضافة إلى الدور الذي لعبته على الساحة الدولية الذي وصل بها إلى مكانة عالمية، تمكنها من اعتبار القرن الحادي والعشرين قرناً أمريكياً.
ولكن الكاتب (جليبر أشقر) يرى أن مرحلة جديدة من التوترات العالمية قد نشأت، وتصاعد فيها الاحتجاج العالمي على سياسات القطب الواحد، وتصاعدت القوة الصينية والروسية، وبدا كل شيء يوحي بعودة قوية إلى نظام ثنائي القطبية، وهو ما تسعى الولايات المتحدة اليوم إلى منع حصوله.
والســـــؤال المهـــــم: ماهي الأســـــس التي تقـــــوم عليهـــــا الهيمنـــــة الأمريكيـــــة؟
يرى الكاتب (لاري يورتيس) في دراسة بعنوان (الأسس البنيوية والأخلاقية للهيمنة الأمريكية) أن أمريكا تملكت منذ قيامها إرادة هيمنة، حرّكت وتحرّك لديها نزعة إلى التوسع، وأنها تمتلك رسالة عالمية تجد جذورها التاريخية في النزعة الخلاصية الطهرانية التي عبّر عنها المتزمتون البروتستانت الإنكليز الذين كانوا في عداد المستوطنين الأوائل، والذين تعاملوا مع أنفسهم على أنهم شعب الله المختار، ونظروا إلى القارة الجديدة باعتبارها الأرض الموعودة والقناعة شبه الدينية بأن الولايات المتحدة مكلفة بإدارة شؤون العالم والاعتقاد بأن زعماءها يتمتعون باستقامة أخلاقية تضفي على مهمة الدفاع عن مصالحها الاستراتيجية طابعاً أخلاقياً.
ولكن كتاباً كثيرين يرون اليوم أن هذه العقلية الأمريكية، ستؤدي إلى تسريع سباق التسلح النووي والعسكري على مستوى العالم، بحيث تسعى دول عديدة إلى امتلاك قوة ردع كفيلة بحمايتها من تجاوزات وتعديات القوة الأمريكية التي غدت في نظر قسم كبير من دول العالم كما يقول المحلل الاستراتيجي الأمريكي (جيمس كوهين) تشكل خطراً على استقلالية وسيادة الدولة، واعتداء على خصوصيتها الثقافية والحضارية، وهو الأمر الذي أنتج مقاومة ثقافية، وثمة مقاومة عسكرية راحت تواجه هذه السطوة الأمريكية العدوانية، وهو ما ينذر بانهيار هذه العظمة المتضخمة.
سليم عبود