العدد: 9471
الثلاثاء: 19-11-2019
الإنسان هو الإنسان في أي مكان ولد، أو في أي مكان وجد، ومن أي طائفة أو مذهب كان، وأن أي محاولة لتفكيك الصورة المتكاملة للإنسان فلسفياً أو دينياً أو اجتماعياً وتحت أي شعار محاولة لأخذ المجتمعات إلى حرب دائمة، ليس في جسد الإنسانية وإنما في أحشائها وعقلها وثقافتها لجعل الإنسانية كتلة من النار الملتهبة التي تحرق الأخضر واليابس.
وحده الوطن من يمنح الخصوصية الثقافية والإنسانية، وهو الذي يحوّل الانتماء إلى فعل وطني، أو من يحق له أن يمنح الأوسمة الإنسانية لأبنائه.
يقول الفيلسوف (لاكان): أي انتماء يتجاوز الانتماء إلى الوطن، هو قتل للوطن، ويضع الإنسان داخل جدران عازلة، ويجعله إما جرذاً، أو وحشاً، وأقسى أنواع الانتماءات القاتلة هو أن نحول الطائفة أو المذهب أو العرق إلى سلاح للقتل.
لو استخدمنا اللغة الشائعة اليوم في الحرب على سورية، يمكننا القول إن من أخطر الأسلحة المستعملة، وأشدها قذارة، هو سلاح الطائفية ..
إن مصدري هذا السلاح القذر في قطر والسعودية وتركيا، مازالوا مصرين على استعماله في استهداف لقوة عظمى وتماسك، ووحدة الشعب السوري الذي حقق تاريخياً بتماسكه الوطني والقومي عظمة سورية، وتميزها وحيوية مجتمعها الذي يرتكز على عنصرين هامين (المواطنة، والعروبة).
منذ اللحظات الأولى لهذه الحرب القذرة التي تشن على سورية، وقادة قطر والسعودية وتركيا يحاولون تأجيج نار الطائفية والمذهبية في المجتمع السوري، في اعتداء منهجي يستهدف مفهوم الوطن والمواطنة والدولة والدين والقيم الوطنية والنضالية والتاريخ الذي ميّز السوريين ووضعهم على قمة الشعوب التي برهنت تاريخياً ثبات وعظمة وحدتها، وتماسكها الوطني والاجتماعي.
لقد دفع قادة تلك البلدان بعناصر تكفيرية مجرمة بفكرها، وتاريخها، وسلوكها لارتكاب مجازر طائفية، في مناطق تتداخل فيها كل أطياف الشعب السوري، بهدف جرّ السوريين إلى اقتتال طائفي، ولزرع الأحقاد والدماء والبغضاء بين السوريين، للوصول إلى الأهداف التي تبتغيها الصهيونية وأمريكا، والعثمانيون الجدد، والتكفيريون الذين يريدون النيل من الإسلام بتسامحه، وقيمه وأخلاقياته ومبادئه السمحة ولكن السوريين أكدوا كما أكدوا عبر تاريخهم أن المؤامرة لن تمرّ، فأسقطوها.
منذ خمسينيات القرن الماضي، يحاول أعداء سورية امتشاق هذا السلاح لضرب وحدة السوريين، وتماسكهم لتفكيك سورية الدولة والكيان، والثقافة والمقاومة، لإنتاج مجتمع جديد تتناهب تماسكه ووحدته وصموده النضالي ثقافة الطائفة والمذهب والتكفير والدم والموت، ولكن ثقافة الوطن التي ينتظم السوريون في ظلالها، تتدفق في عقولهم، و تفكيرهم، وتتوهج مواقف وطنية، وقومية، وأمام تلك المواقف العظيمة التي وقفتها سورية على مدى تاريخها، المضاءة بوهج العروبة، ودماء الشهداء، وتماسك الوطنيين الشرفاء، وأمام هذا الوعي السوري المتعاظم قوة ومناعة، سقطت كل محاولات عرب النفط، وأفاعي الفتاوى في الماضي، كما تسقط اليوم.
سليم عبود