وقـال البحــــــر.. الوبـــاء

العـــــدد 9456

الإثنين 28 تشرين الأول 2019

 

في زمن قديم تسلّلت فئران إلى بلدة بعيدة، وأخذت تحفر أوكاراً لها في جدران البيوت الطينية، ومستودعات الحبوب، وتسارع إلى الهرب والاختباء حين ترى أحداً.
اجتمع العلماء بالحاكم وطالبوه بتخليص المدينة من الفئران.
قال الحاكم:
– إنها لا تشغل بالي، فالخيرات وافرة.
قال أحد العلماء:
أرى أن توجّه أمراً إلى الناس لملاحقة هذه المخلوقات الضارة المؤذية قبل أن يحلّ الخطر.
ضحك الحاكم ضحكة ساخرة وقال:
– لن أكون حاكماً لمدينة يصطاد أهلها الفئران:
قال عالم آخر:
– تسبّب الفئران الوباء، وإذا انتشر فمن الصعوبة القضاء عليه.
ترك العلماء القصر آسفين.
***
توالدت الفئران، وتكاثرت، وراحت تسير جماعات جماعات، فئران رمادية، فئران سوداء، فئران في الحوانيت والبيوت، فئران في خزائن الثياب، وصناديق الحلوى، تعضّ الأرانب والطيور، والناس. تلتهم الزرع وتقضم ما تجده في طريقها من طعام، وتتعالى صيحاتها القبيحة في كل الأوقات.
***
توقفت عربة تجرّها خيول تحمل مسافرين ضلّوا طريقهم، فالتجؤوا إلى هذه المدينة البعيدة المنعزلة، دهشوا من كثرة الفئران في الطرقات، اشتروا قبعات فوجدوا داخلها فئراناً، اشتروا ثياباً فخرجت من جيوبها فئران اشتروا قطعاً من الجبن، فلمحوا عليها آثار أسنان الفئران قال المسافرون:
– هذه الكائنات تنقل الأمراض، وتهاجم البيوت والحقول، وتقضي على الحبوب وخيرات البلاد.
صعد المسافرون إلى عربتهم، وغادروا البلدة وهم يحسون بالخطر الذي سيصيبها.
انتشر مرض رهيب فاستولى الخوف على الناس وملأت الأحزان نفوسهم، وهم يسمعون أنّات المرضى وتأوّهاتهم.
حاول السحرة والمشعوذون المحتالون القضاء على الفئران بأقوالهم وخداعهم دون فائدة.
عقد الناس اجتماعات لبحث الأمر، وإنقاذ المدينة.
فكر بعضهم في الهجرة وقال آخرون:
الرحيل يعني أن تنتصر الفئران، وتنتقل من مكان إلى مكان.
قال أحد الحكماء:
– نحتاج إلى اليقظة، والانتباه لو لم نكن غافلين لما كنا نعاني من الوباء أضاف عالم آخر.
– لو واجهنا الفئران منذ البداية لما انتشر الوباء ولكن علماءنا يستطيعون القضاء على الخطر، وإعادة الحياة والأمان إلى البلدة.

عزيز نصّار

تصفح المزيد..
آخر الأخبار