العدد: 9455
الأحد: 27-10-2019
يرى سانت بوف، ناقد القرن التاسع عشر الفرنسي (من يعتقد أن الكتابة هي أن تكتب ما تشاء، فهو يتجه إلى الفوضى، إن أهم نقاطَ القوة في الكتابة هي أن تكون نبض الناس، وأوهى نقاط الضعف في الكتابة تحوّل الكتابة إلى مواء هررة).
تلك الكتابة الرومانسية التي ترسم الألوان على السراب، وتلك الأشعار التي تصطف كالبطاريق على أرصفة الصحف، وتلك الخطب التي تتزين بالبلاغة خارج شفافية الواقع، كلها ليست أكثر من فقاعات في مجرى ماء يتحرك،
وعند أول صخرة تعترض المجرى تنفجر وتتلاشى.
***
كان الخطباء والسياسيون والمثقفون منارات شعوبهم، لأنهم كانوا يعيشون وجع الناس، عندما فقدوا تلك الخاصية، تحولوا إلى أناس هامشيين.
***
تمر سنوات الحرب، ليس الكتاب فيها أسياد الساحة، ولا سادة البلاغة، عندما يكتبون عن الحرب، يتخيلون الحرب من الخارج، والمحللون السياسيون يتحدثون عن الحرب وهم خارج الحرب، وحدهم المقاتلون في الحرب كتبوا بدمائهم وشجاعتهم حكاية الحرب بصدق.
هذا الوطن ليس مجرد جغرافية، تعبرها أنهار ووديان وترتفع فيها تلال وجبال،
هذا الوطن حكاية نبض يمشي في شرايين وأوردة حبات التراب، حاملة معها ضياءات الشمس والقمر وهمسات العاشقين وجينات الزمرة الدموية لرجال قاتلوا وناضلوا وقدموا الدماء ترّوي الأرض لتمنح ذرة التراب قداستها.
***
يوم رأيت جنودنا يعبرون نهر الفرات، ويدخلون مطار الطبقة، ومدينة الرقة، وبلدات تل تمر وعين عيسى، زاد إيماني بأن الوطن الذي يحميه رجال أجسادهم وأرواحهم من ترابه ومن مائه لا ينهزم، كانت وجوههم وعيونهم وأرواحهم تتسلق أبراج الضياء في بلدة الهبيط وبينهم الرئيس بشار الأسد كقوس ضياء سماوي في يوم ماطر.
***
لكل وطن معجزة، الرجال الأشداء هم الذين يمسكون بالمعجزة، القادة الأشداء الأقوياء هم الذين يديرون دفة المعجزة.
يقول (جورج دوماهيل): وحدهم الرجال الشجعان من يربطون الأرض بالسماء
لأنهم يعشقون عطاء الدم والجهد والنقاء والبقاء من أجل أن تظل أوطانهم حدائق عبقة بعطر الكرامة.
سليم عبود