وقـال البحــــــر..الصيـــــد

العدد: 9451

الاثنين: 21-10-2019

 

خرج مع الفجر رجل ضخم الجسم ورجل نحيل لاصطياد النمور، فتبعهما فتى وعلى كتفه بندقية، لوّح الرجل الضخم بيده غاضباً وصاح به: عد إلى القرية، أنت فتى صغير لا تفهم شيئاً عن الصيد.
قال الفتى: لن أعود، وقد أفيدكما.
انطلقوا في طريق ترابية متعرّجة، وصلوا إلى غابة فسيحة، فأحاطت بهم الأشجار توقّف الرجل النحيل، وتفحّص الأرض كصياد بارع، سأله رفيقه: ماذا هناك؟
قال الرجل النحيل: هذه آثار، إنها أقدّام النمر.
ابتسم الرجل الضخم وقال: هنا يمكن لنا أن نظفر به نحفر في الأرض حفرة عميقة ونغطيها بالأعواد والأوراق اليابسة.
أكمل رفيقه: (سنضع قطعة اللحم التي أحضرناها فوق الحفرة وحين يأتي النمر يسقط فيها . .
مدّد الفتى بندقيته إلى جانبه وتناول عوداً وراح يرسم على التراب نموراً وأسوداً وفيلة، ضحك الرجلان، وبدأا بالحفر، وحين انتهيا من العمل قال أحدهما: ها قد أعددنا الحفرة وسيقع فيها النمر.
قال الآخر: وسنعود قريباً لنخرجه منها، ولكن ماذا يفعل هذا الفتى؟
قال رفيقه ساخراً: سيتعلّم صيد النمور وبيع جلودها الثمينة.
في هذه اللحظة سمعوا صوتاً قوياً يبعث الخوف في النفوس همس الرجل الضخم شاحب الوجه وقد أدهشته المفاجأة: النمر قادم . . النمر قادم.
انتصب الفتى واقفاً، شدّ على بندقيته، فمنحته اطمئناناً وقال:
* ماذا أيها الصيادان؟ هل تحبّان اصطياده ميتاً أم حيّاً؟
قال الرجل الضخم ويداه ترتجفان: أنا لا أحمل سلاحاً ولم أتوقّع أن نرى النمر الآن.
قال الرجل النحيل: أتيت ببندقيتي لكني نسيت الرصاص.
ظهر نمر كبير الجسم، عيناه تقدحان شرراً وأنيابه بارزة حاّدة، قال الفتى وقد ملأت الشجاعة قلبه: جاء وقت الصيد، رفع البندقية، صوب إلى النمر وهو يتأهّب للوثوب، ضغط على الزناد فأصابه في صدره، أطلق بسرعة، ودقّة رصاصة ثانية انغرزت في رقبة النمر، وطرحته على الأرض بلا حياة، تقدّم منه الفتى ونظر إلى الرجلين والفرحة تكسو وجهه وقال: تستطيعان بيع جلد النمر الثمين أيها الصيادان الماهران.
أطرق الرجلان بصمت وخجل، أما الفتى فقد ابتسم وحده، ومضى يبحث عن صيد آخر.

عزيز نصّار

تصفح المزيد..
آخر الأخبار