وقـال البحــــــر… إشبــــح الفقــــر

العـــــدد 9448

الأربعــــاء 16 تشرين الأول 2019

 

 

يُعتبر الفقر علّة العلل التي تتفشى في جسد العالم، ورغم كل الحلول والتوصيات والإجراءات التي وُضعت وقُدمت فلا يزال الفقر منتشراً رغم كل ما تتمتع به الأرض من خيرات على امتداد رقعتها.
يسيطر الفقر المرير بوجهه الكئيب وليس هناك حل جذري لهذه المأساة حيث أن الفقر يتفاقم يوماً بعد يوم وأعداد الفقراء في ازدياد دائم، وزيادة معدلات الفقر والجوع تفوق بسرعة كبيرة زيادة شتى أسعار الثروات الباطنية والمعادن الثمينة.
للفقر أسباب متعددة أبرزها التكاثر السكاني السريع وضعف التعليم وطبيعة العراقة الحضارية مع تطور أنظمة الحياة وشدة تأثير الكوارث، وهو مرتبط بقلة العمل والقدرة على التنمية والتطوير ويبقى تحديد معنى الفقر نسبياً حسب الشعوب ونمط المجتمعات التي يتغلغل فيها بنسب ودرجات متفاوتة.
من الضروري التفريق بين الفقر الآني والفقر المستمر حيث تتجلى أهم أسبابه في انعدام فرص العمل المُنتج وضعف القدرات والمهارات، إضافة إلى عدد من العوامل الخارجية المؤثرة كالمديونية الخارجية وتدهور معدل ميزان التبادل التجاري، ومن الظاهر للعيان بأن المنهجيات المعتمدة للحد من الفقر المطلق وقياس مستواه وخصائصه وطرق معالجة مسبباته ما زالت شبه غائبة إلى جانب عدم الالتزام الجاد بوضع سياسات مناسبة لمواجهة هذه القضية الحساسة باعتبار العمال هم الضحية الأولى للبطالة والفقر.
وللفقر انعكاسات وجوانب سلبية تتضح في انعدام ثقة الفقير بالمجتمع وفقدان رغبته في الحياة وقلة احترامه لمبادئ التعايش وإخلال ميزان حياته مع مجتمعه الظالم له وعدم قدرته على تلبية احتياجاته ومتطلباته الأساسية ومحصلة كل ذلك تكون نتيجتها التغير في أفكاره وأعماله وانتهاج أساليب لا تليق بإنسانية الإنسان.
يُعتبر سوء توزيع الخيرات والثروات السبب الرئيسي في معاناة الفقراء والمحتاجين، وفي مقابل صورة ارتفاع تكاليف المعيشة ومتطلباتها التي تهدد حياة عدد كبير من البشر ظهرت فئة أخرى في هذا المجتمع غرقت في بحر الثراء وأصبح من الملاحظ اليوم وجود فرق شاسع أساسه المال بالدرجة الأولى بين الأغنياء والفقراء وهذا الأمر سيولد فُروقات كبيرة بينهم.
في عالم يتحدث عن حقوق الإنسان وشعار المواطنة يموت الملايين جوعاً ومرضاً وفقراً ومن جانب آخر تُقدم طروحات وتوصيات لتؤكد بأن ظاهرة الفقر ستصبح من الماضي وتتناسى بأنها تُقدم مجرد مقترحات تُوصف بالكلاسيكية وحتى بالعُقم أيضاً ومنها على سبيل الذكر لا الحصر:
× إقرار الأمن والسلام والاستقرار
× مضاعفة النمو الاقتصادي والصادرات
× تطوير الموارد البشرية وتوظيفها
× مضاعفة المساعدات للدول الفقيرة.
لا شك في أن للصراعات والحروب واحتلال الدول عوامل بارزة وأسباب رئيسية للفقر بصورته القاتمة وبصمته السيئة في انحلال المجتمع وارتفاع معدلات البطالة وغلاء تكاليف المعيشة، الأمر الذي أدى إلى خسائر مادية هائلة و بشرية ضخمة.
يعد التضخم نوعاً من الضريبة غير المعلنة والتي تُفرض بشكل غير مباشر على الجميع ويكون تأثيرها أكثر شدة في الفقراء وذوي الدخل المحدود منه على الأغنياء، ومع مرور الوقت سيؤدي التضخم إلى زيادة الفجوة بين طبقات المجتمع وتآكل القوة الشرائية للرواتب والأجور مع ما يصاحب ذلك من عوامل عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والمالي، ويجدر التنويه إلى أن رفع كافة الأجور كسبيل لمكافحة التضخم سيؤدي عاجلاً أم آجلاً إلى ارتفاع موازٍ في الأسعار وسينعكس سلباً على القدرة التنافسية للسلع والخدمات المنتجة محلياً وسيحمل في طياته خطوط هبوط واهتزاز اقتصادي قادم.

د. بشار عيسى

تصفح المزيد..
آخر الأخبار