العـــــدد 9447
الثلاثاء 15 تشرين الأول 2019
كنا نحلم بمدن تستحم بالعطر والضوء، بلؤلؤ يمطر فوق نوافذها، وأرصفة مشغولة بالقصائد والياسمين، وأناس من شغف، حين يحدثوننا يزهر اللوز فوق شفاههم، ويقطر من كلماتهم عسل حقيقي!! خانتنا الصدفة، خرجت أحلامنا عن أسوارها، ها هي المدن أسيرة النفايات، وبحرها سجين الاستثمارات والمادة، حتى (سمك الفقراء) أصبح خائناً بنظر الشباك!! لم يعد حديث المطر يغرينا، أصبحنا نهرب من حفر الشوارع ونتذكر حكاية فأر خرج لتوه من مصيدة، تشابهت أحاديثنا الصباحية في سطحيتها وبدأنا في لحظة تأمل نبحث عن عبارة تعيد إلينا ذاتنا المفقودة كمن يبحث عن إبرة في كومة قش، عبارات المجاملة تحولت الى مقصلة تدق عنق عفويتنا وصدقنا، المفاخرة في اقتناء أفخم الملابس وأجهزة الهواتف النقالة تحولت إلى هاجس يومي، رغم أن الحقيقة مختلفة تماماً! وما بين العمل بتوقيت صيفي وآخر شتوي، ننتظر أن ينبض توقيت القلب، وأن تنتشلنا أحاسيسنا الدافئة من صقيع هذه الفوضى، على إيقاع الحنين نستعيد ذاكرتنا الخضراء، ونورق رغم خريف المسافات، وكأننا لم نغادر صلاة أرواحنا يوماً، ولم نترك الورد يذبل على نافذة الأيام!
منى كامل الأطرش