رقــم العــدد 9444
الخميس 10 تشرين الأول 2019
الوطن غير المواطن، والمنصب أو الموقع يختلف عن شاغله، وبين هذا وذاك، وحسب طبيعة العلاقة تحلو الأحكام أو تقسو!
لا يمكن أن يكون الوطن فاسداً، لكن من السهولة بمكان أن يكون المواطن كذلك، ولا يمكن أن يكون الموقع فارغاً أو قليل الأهمية، لكن شاغله قد يكون أكثر من ذلك، وقد يكون سبباً في انهيار الموقع ذاته..
مشكلة معظمنا أننا لا نجيد التفريق، ونميل معظم الأحيان إلى الخلط، وإن أخطأ رئيس وحدة إرشادية نشتم (الحكومة)، ولا أقول هنا إن (الحكومة) لا تخطئ، فبالنهاية من يشكّل الحكومة هم أشخاص مثلنا من لحم ودم، ولكن (أو على الأقلّ هكذا يجب أن يكونوا) هم محصنّون بقوانين وأنظمة عمل تعطيهم القوة، وهي ما تجعل صوتهم أقوى من صوتنا إن صدر فيما يجب أن يكون وفي الوقت الصحيح..
الإدارة العامة.. الوزارة.. الحكومة.. مجلس الشعب، مؤسسات يجب أن تكون نسبة القوانين والأنظمة فيها أكثر من 75% والنسبة الباقية للميزات الشخصية لمن يشغل هذه المؤسسات، أما إنّ تغيّر طرفا هذه النسبة فثمة خلل يجب أن نقف عنده مطولاً..
لستُ في موقع يخوّلني أن أطلق الأحكام، ولكن كمواطن عادي يمكنني أن ألتقي مع كثيرين من أبناء جلدتي عند نقاط معينة:
* ألا يحقّ لنا كمواطنين أن نسأل الجهات التشريعية من مجلس الشعب إلى أصغر الوحدات الإدارية عمّا تمّ إنجازه أو اتخاذه من قرارات وأين أصابت وأين أخطأت وكيف ستكون سبل المعالجة والتقييم؟
* لم يعد بإمكاننا إحصاء المليارات التي أعلن عن تجنيدها لصالح مشاريع تنموية وتدخلات إيجابية، ومساهمات إنسانية.. إلخ.
تُرى أما حان موسم القطاف، ولماذا لم نقطف ثمار (الصبر والانتظار)، وأين مخرجات كلّ تلك المليارات ولا نخلط هنا شيئاً بشيء، نتحدث عن مبالغ كبيرة أعلن أنّها لمشاريع تنموية ستنعكس إيجابياً على حياتنا بدل أن تكون هناك زيادة مباشرة على الرواتب؟
نعود إلى ما بدأنا به حديثنا، وهو أن يكون الانتماء إلى الوطن بقيمه ورمزيته ومؤسساته وتطلعاته، فهذا أمر لا نقاش فيه أو عليه، أما أداء من يمثّل هذه المديرية أو تلك الهيئة فهو ما علينا مناقشته و(النقّ) من أجل رفع سويّة العمل، ونعود أيضاً للتأكيد أن وجود مدير فاسد أو غير إيجابي لا يقلل من شأن المكان الذي يتواجد فيه، أما مقولة (الرجل المناسب في المكان المناسب) فهي الأخرى نسبية، لأن الشخص بمزاياه الشخصية لا يستطيع أن يخلق واقعاً جديداً ما لم يجد قوانين وأنظمة عمل تدعمه أو تفسح المجال أمامه للتميّز والابتكار، ولذلك نتحدث دائماً عن (التشبيك) بين الواقع وما ينتجه هذا الواقع، ونمرّ أيضاً على محاولات مختلفة للتجديد والتطوير، وقد يأخذنا (اللسان) أحياناً إلى ما لا يريده العقل.
غانم محمد
ghanem68m@gmail.com