الوحدة – ربوع إبراهيم
على أبواب كانون نقف، وسوريا تواجه أقسى موجة جفاف عرفتها في تاريخها، وذلك نتيجة التغير المناخي، واحتباس الأمطار الأمر الذي انعكس سلباً على زراعاتنا التقليدية، وأمننا المائي والغذائي.
منذ عقود قريبة، وفي مثل هذا الوقت من العام كان السوريون يُعدّون للشتاء عدّتهُ، فيمدون السجّاد اليدوي، ويجهزون مدافئ الحطب أو المازوت، فكانون في ذاكرتنا الجمعية ضيف ثقيل، يُضرب به المثل في شدة البرودة وغزارة الأمطار لكن حالنا اليوم لا يشبه الأمس، وها هو كانون يقرع أبوابنا بعصاه، والأمطار ما تزال بعيدة.
تعتبر سوريا ومنطقة الشرق الأوسط بصورة عامة المتضرر الأكبر نتيجة ظاهرة التغير المناخي هذه، وشاهدنا خلال موسم الصيف الفائت بعيون ملؤها الحزن، كيف جفّت ينابيع شهيرة، وتراجعت مناسيب المياه في أنهار تاريخية نشأت على ضفافها أجيال، وحضارات.
في الجهة المقابلة للمشهد الراهن مايزال معظمنا بعيدين عن سياسات الترشيد المائي، فتلك ثقافة لم نمتلك ناصيتها بعد، بل على العكس تماماً، فثقافة تبديد المياه غالبة، وذلك في المنازل، والمطابخ، والمطاعم، والشوارع، وخير الأمثلة على صحة ما نقول كيف نبدد مياهاً مُكلورة صالحة للشرب في مغاسل السيارات!
السؤال المطروح على الطاولة اليوم والعجز المائي ما يزال يلوح في الأفق، وفي حال تأخر موسم الأمطار أكثر هل نبادر فنضع خطة مائية استباقية ندرء بها مواسم جفاف قادمة، ونرصد اعتمادات إضافية لتأمين مصادر مياه احتياطية؟
والسؤال الأهم هو: هل نقرع ناقوس الخطر، ونسارع إلى وضع برامج ترشيد استهلاك عاجلة لمياهنا السطحية والجوفية عبر المزيد من برامج التوعية، والتثقيف، ومن خلال وسائل الإعلام أم أننا سنبقى نتابع بعينين ذاهلتين كيف تتقلص مساحات الخصب وتزحف إلى مرابعنا الرمال، فيفلت من بين أصابعنا الحاضر لا قدّر الله، ويضيع منّا المستقبل.