الوحدة – سليمان حسين
لا بُد وأن يأتي الوقت الذي نستثمر من خلاله كافة الاقتصاديات التي تتمتع بها بلادنا، لكن غياب الأرضية الحقيقية لهذه الاستثمارات جعلت من واقع مجتمعنا مستهلكاً من الطراز الرفيع، لكن هناك بعض السلل الغذائية يتم استثمار القليل منها نظراً للتكلفة العالية التي تُبنى عليها أصول وصولها للأسواق عبر برادات واسعة يتقلّب داخلها الهواء البارد محافظاً على نوعية المادة وجودتها.
وتعتبر فاكهة التفاح من أهم هذه الاقتصاديات التي تخضع لعمليات عدّة حتى تصل إلى المستهلك بكامل هيبتها، وأهمها التوضيب السليم وإدخالها مستودعات التبريد والتخزين، لكنها اليوم وبعد خروجها إلى الأسواق تقسو على جيوب مُحبّيها، ضاربة أسعاراً تصل إلى 15 ألف ل.س، وهكذا أرقام لا تُناسب الطبقة الكبيرة من أصحاب الدخل المحدود، حيث كانت تحمل بموسمها أرقاماً أكثر منطقية نحو 8 آلاف ل.س، وهو رقم كان يُرضي غالبية المستهلكين.
واقع أسعار التفاح اليوم برّر ضرورة البحث عن البدائل الأخرى، فاستقرّت عند البرتقال ومُزارعه، حيث تحمل اليوم هذه الفاكهة البلدية أسعاراً متواضعة، وخاصة النوع الباكوري كالصمصوما والكلمنتينا والأبو صرّة، بعيداً عن الحامض منه.
وبالعودة إلى التفاح وأسعاره النارية وآلية تعامل الأسر مع هذا الواقع الممزوج بضعف القدرة الشرائية، فالكثير من العوائل تبحث عن الجدوى الاقتصادية لرقم الـ 15 ألف، فالمستهلك يضع بالحسبان أن 3 كغ من البطاطا، أو كيلو واحد تقريباً من لحمة الفخذ، أو تشكيلة من ورقيات السبانخ والسلق أو الملفوف – بديلاً غذائياً لوجبة الأسرة بالمقارنة مع سعر كيلو التفاح الذي يتناوله أفراد العائلة كنوع من التسلية.
في النهاية، فإن مردّ هذه الأسعار المرتفعة على التفاح يعود إلى واقع عمليات التبريد التي تتطلّب تشغيل البرادات على مدار الساعة خلال الصيف، وتحمّل أعباء تشغيل وقود الطاقة الطويل. فأغلب الظّن أن هذا الواقع لن يتغير في ظل الارتفاع الكبير على أسعار الكهرباء إن لم تحدث هناك مفاجآت تقلب الموازين، وبالتالي تضعف كثيراً مُبررات ارتفاع الأسعار على عموم المواد التي تخضع للتبريد.