للأمراض المستعصية.. نتائج مميزة للعلاج بالأوكسجين عالي الضغط في طرطوس

الوحدة – وداد محفوض
يُعدّ العلاج بالأوكسجين عالي الضغط من أحدث الطرق الطبية وأكثرها تطوراً في العالم، وباعتراف المنظمات الطبية الدولية، كمنظمة الغذاء والدواء الأمريكية، نظراً لانتشاره الواسع في الدول المتقدمة ونتائجه المميزة التي أثبتت أنه علاج آمن وفعّال في العديد من الحالات الصعبة.
في أحد المراكز المتخصصة بالعلاج بالأوكسجين في محافظة طرطوس، التقت صحيفة الوحدة المريضة أمل إدريس (71 عاماً)، وتحدثت عن تجربتها بعد إصابتها بجلطة دماغية أثرت بشكل كبير على وجهها وصوتها، حتى أصبح الكلام عسيراً والتعبير شبه مستحيل.
وذكرت أنه بعد خضوعها للعلاج بالأوكسجين لـ 23 جلسة متتالية، لاحظت تحسناً واضحاً بنسبة 50%، إذ عاد صوتها تدريجياً إلى طبيعته، وتحسنت ملامح وجهها وحيوية بشرتها، كما تحسن نظرها وشعرت بنشاط عام في جسدها، مؤكدة أن العلاج ساعدها على تحسين حالتها الصحية بشكل شامل رغم معاناتها من ارتفاع الضغط والسكري، مما أعاد إليها الأمل بالحياة.
أما والد الطفلة سالي رجب (البالغة من العمر ثلاث سنوات) أوضح أنها كانت تعاني نقص الأكسجة الناتج عن ولادة مبكرة، مما سبب لها تأخراً في التطور الحركي وخوفاً من المشي، وبعد أن نصحهم طبيبها بالعلاج بالأوكسجين عالي الضغط، خضعت سالي للعلاج، وبيّن والدها أنها بعد الجلسة العشرين بدأت بالمشي، إلى أن بلغت نسبة التحسن نحو 70% بعد أربعين جلسة متكاملة.
من جانبه، أوضح الدكتور يوسف محمود حسن المسؤول عن العلاج بالأوكسجين في إحدى العيادات التخصصية في محافظة طرطوس لصحيفة الوحدة، أن هذا العلاج يقوم على تنفس المريض أوكسجيناً نقياً بنسبة 100% تحت ضغط أعلى من الضغط الجوي المعتاد داخل حجرات مخصصة لذلك.
وأوضح الدكتور حسن أن فعالية العلاج تكمن في زيادة قدرة خضاب الدم على حمل الأوكسجين إلى أعضاء الجسم بنحو خمسة عشر ضعفاً مقارنة بالحالة الطبيعية، كما يمكن زيادة كمية الأوكسجين المذاب في البلازما بفضل الضغط المرتفع، ما يسمح للأوكسجين بالوصول إلى مناطق في الجسم يصعب على الدم الوصول إليها، مثل الأنسجة ضعيفة التروية أو المصابة بالوذمة أو الاحتقان الوريدي، ويسهم ارتفاع الأوكسجين أيضاً في انقباض الأوعية الدموية مما يقلل من التورم والالتهاب.
وأشار إلى أن عدد الجلسات يختلف بحسب كل حالة على حدة، مؤكداً أن العلاج بالأوكسجين عالي الضغط لا يُغني عن الأدوية الموصوفة من قبل الأطباء، بل يُعتبر علاجاً مكملاً في أغلب الحالات، وقد يكون علاجاً منفرداً في بعض الحالات الخاصة.
وبيّن أن الأوكسجين المضغوط يزيد من إنتاج الجذور الحرة للأوكسجين التي تقوم بأكسدة البروتينات والدسم، وتثبط نمو البكتيريا وخاصة اللاهوائية منها، كما يساعد على وقف تموّت الخلايا وإعادة تنشيط الخلايا المريضة.
ويعزز العلاج وظائف الجهاز المناعي، ويحفّز إنتاج خلايا جذعية جديدة، ويساعد على تكوين الكولاجين والخلايا الجلدية عن طريق تنشيط البلازما لتوليد مواد محفّزة مثل عامل النمو البطاني للأوعية الدموية، ما يساهم في بناء أوعية جديدة وتجديد الأنسجة، كما يحسن العلاج مرونة كريات الدم الحمراء ويزيد من كفاءة الدورة الدموية الدقيقة.
وأضاف د. حسن أن العلاج بالأوكسجين المضغوط يُستخدم في العديد من الحالات، منها التسمم بأول أوكسيد الكربون، والفقاعات الهوائية (الصمامة الغازية)، ومرض إزالة الضغط عند الغواصين، ونقص السمع المفاجئ، وتنخر الأنسجة والعظام بعد العلاج الشعاعي، ومضاعفات الداء السكري.
كما يُستخدم كعلاج مساعد في حالات أخرى مثل نقص تروية رأس الفخذ (النخرة الجافة)، ومتلازمة الألم العضلي الليفي، والجروح غير الملتئمة، والتهابات العظم المزمنة، واعتلال الأعصاب السكري، والشلل الوجهي الحديث، والحروق وتطعيمات الجلد، إضافة إلى نقص الأوكسجة وصعوبات التعلم عند الأطفال.
وأشار أيضاً إلى أن العلاج قد يساهم في تأخير تطور أمراض مثل التصلب اللويحي، والزهايمر، وباركنسون، واعتلال الأعصاب الوراثي، كما يساعد على تأخير مظاهر الشيخوخة من خلال تأثيره في آلية الجسيمات الطرفية للصبغيات التي ترتبط بعمر الخلايا.
واختتم د. حسن بالتأكيد على أن العلاج بالأوكسجين عالي الضغط آمن وفعّال عند تطبيقه وفق المعايير الطبية، ويمكن استخدامه لجميع الأعمار بدءاً من السنة الأولى وحتى كبار السن دون خطورة تُذكر، مؤكداً أنه يفتح آفاقاً جديدة في عالم الطب الحديث ويعيد الأمل لكثير من المرضى.

تصفح المزيد..
آخر الأخبار