الوحدة – لمي معروف
العين قطعة هندسية إلهية عجيبة، وضخمة إلى حد لا يصدق إذا ما فكرنا في بنائها على الواقع، وهي آلة تصوير طبيعية تتمتع بتكيف ذاتي لحظي مع جهاز تصحيح وإصلاح داخلي، وتستكشف هذه الآلة الحساسة العالم من حجرة صغيرة مبطنة محمية، ولا تحتاج من صاحبها إلا إلى عناية معتدلة لكي تؤمن له خدمة جيدة ومتواصلة مدى الحياة.
وقد تحتم طبيعة التطورات التي يشهدها العالم من حولنا أن نعتمد على أعيننا في هذه الأيام أكثر من أسلافنا، فنحن نقود السيارات ونواجه التلفاز، ونجلس أمام الكمبيوتر لساعات طوال، ونقرأ الكتب والصحف ونحدق ملياً في أنواع مختلفة من الضوء منها الطبيعي ومنها الصناعي، وعلى الرغم من هذا الاستخدام المكثف، يبقى السؤال الذي يتبادر إلى الذهن: هل بصرنا قادر على مواجهة كل هذه المتطلبات من دون تأثيرات سلبية؟
للوهلة الأولى يبدو للجميع أن الأمراض التي تصيب العين متشابهة الأعراض، مثل الاحمرار والإفرازات والحكة، ولكنها في الحقيقة مختلفة، وكذلك الحال بالنسبة إلى العلاج، وهنا تلعب خبرة الطبيب دوراً مهماً في تحديد الحالة المرضية، وللوقوف على أبعاد المشكلات التي تتعرض لها العين وخاصة الأمراض التي تنتشر في فصل الصيف، من أخطرها التهاب الملتحمة البكتيري، وهو عبارة عن حالة مرضية تصيب القسم الأبيض من العين، والملتحمة عبارة عن نسيج رقيق جداً، وعندما يصاب بالبكتيريا يؤدي إلى ظهور أعراض عادة ما تكون على هيئة احمرار مع إفرازات صديدية تميل إلى اللون الأصفر، وتزيد هذه الأعراض خلال 24 ساعة.
وهو أحد أمراض العيون التي تكثر في الصيف بسبب ارتفاع درجة الحرارة، ويرتبط بانتشار الذباب والأيدي الملوثة، فحين تعرق الأيدي تشكل وسطاً لنمو البكتيريا، فتعيش عليها وتنتقل بوساطة الذباب إلى العين أو بالملامسة المباشرة، كما يعد من الأمراض المعدية، ويكثر انتشار هذا المرض وسط الأطفال بشكل أكبر من البالغين.
التهاب الملتحمة التحسسي:
عادة ما ينتشر هذا المرض بشكل كبير، ويصاب به الإنسان نتيجة المواد المسببة للحساسية في البيئة، مثل الغبار والرمال، والهواء الذي يخرج من المكيفات حيث يحمل في الغالب الأتربة والغبار والبكتيريا، إضافة إلى غبار الطلع، والشمس والرطوبة كذلك تزيد من نسبة الحساسية، وتسبب الطفيليات التي تعيش داخل الأنسجة والأقمشة ومرتبات النوم والأغطية، حيث تنشط هذه الكائنات في البيئة الدافئة، وبعد أن تموت تتحول إلى مادة على شكل بودرة، وعند وصول هذه المادة إلى العين تسبب التهاب الملتحمة التحسسي، الذي يصيب الأطفال والكبار بنفس الدرجة، ولكنه غير معد، ومن أنواع التهاب الملتحمة التحسسي ما يعرف بالرمد الربيعي، الذي يصيب عادة الأطفال من الخامسة وحتى الرابعة عشرة من العمر، ويصيب الذكور أكثر من الإناث.
التهاب الملتحمة الفيروسي:
أعراضه تكون قوية جداً إذا كانت الإصابة به في الصيف، ويترافق غالباً مع حالات الرشح والبرد، ويمكن أن يأتي في فصل الربيع، وأعراضه مشابهة كثيراً لأعراض التهاب الملتحمة التحسسي، مثل الاحتقان والاحمرار الشديد والحكة مع ألم. ويشكل الضوء مصدر إزعاج للمريض إلى درجة لا يستطيع معها فتح عينيه بشكل سليم، سواء بالنسبة إلى الضوء العادي أو أشعة الشمس.
وهذا المرض معد جداً وينتقل بشكل سريع، ويمكن أن يشكل وباء، بمعنى إذا أصيب به أحد أفراد البيت، يمكن أن تنتقل العدوى إلى جميع أفراد الأسرة كباراً وصغاراً، ومن تعقيداته أيضاً أنه لا يكسب الجسم مناعة، لذا قد يظهر المرض مرات عديدة خلال فترة زمنية قصيرة، ولذلك تكون الوقاية أهم من العلاج.
ومن طرق الوقاية المهمة جداً أنه بمجرد ظهور الأعراض غير الطبيعية، مثل الاحمرار أو الإفرازات يجب على المريض عدم الانتظار لفترة طويلة قبل مراجعة الطبيب، وعدم وضع أي نوع من القطرات من دون وصفة طبية، أو اللجوء للعلاجات الشعبية، لأن هذا كله قد يؤدي إلى مشكلات ومضاعفات كبيرة.