تحرير الرغبة وتفكيك اللاوعي: فلسفة دولوز وغوتاري ضد التحليل النفسي

الوحدة- رنا عمران

ناقش طالب الدراسات العليا أوس فائق علي بحثه الذي أعده لنيل درجة الماجستير في الفلسفة بعنوان عنوان البحث: (نقد التحليل النفسي في الفلسفة الفرنسية المعاصرة – جيل دولوز وفليكس غوتاري أنموذجاً).
حول البحث يقول الطالب أوس علي:
يأتي هذا البحث لاستكشاف النقد الذي قدّمه اثنان من أبرز مفكري المرحلة المعاصرة: جيل دولوز، الفيلسوف الفرنسي، وفليكس غوتاري، المحلل النفسي والناشط السياسي الفرنسي، اللذان شكّكا في الأسس الفكرية والاجتماعية التي قامت عليها المدرسة الفرويدية واللاكانية. وقد اقترحا بديلاً فلسفياً وسياسياً يحرّر مفهومي الرغبة واللاوعي من القيود المفروضة عليهما، ويعيد تشكيل هذه المفاهيم ضمن إطار مادي تحرري بعيداً عن التفسيرات التقليدية، وذلك بالاستناد إلى مفاهيم جديدة مثل الآلات الراغبة والجسد بلا أعضاء. جاء هذا الطرح بهدف صياغة تصور جديد للرغبة متحرّر من المرجعيات والبنى الثابتة التي تعيق تدفقها، وربطها مجدداً بالعملية الإنتاجية، والسماح لها بالانسياب في المجالين الاجتماعي والسياسي بوصفها قوة ديناميكية بنّاءة.
تكمن الإشكالية البحثية في أن دولوز وغوتاري لم يتعاملا مع التحليل النفسي كمنهج علاجي أو تفسيري فحسب، بل كجهاز سلطوي يكرّس البنى الرأسمالية والهياكل القمعية، من خلال اختزال الرغبة في بُعد عائلي محرَّم محصور في مثلث أوديب، وتحويل اللاوعي إلى حقل صراعات وإحباطات ومخزن للذكريات الشخصية. هذا ما جعل الإنسان كياناً خاضعاً لقمع البنى الاجتماعية، ومعرّضاً للاستغلال من قبل النظام الرأسمالي. ومن هنا جاء اقتراحهما لنموذج بديل للتحليل النفسي هو التحليل الفُصامي، الذي ينطلق من مبدأ تحرير الرغبة والسماح لها بالتدفق داخل المجال الاجتماعي. وهذا لا يتحقق إلا عبر تفكيك البنى الثابتة والهياكل السلطوية التي تكبّل الرغبة، وفي مقدمتها عقدة أوديب وما يرتبط بها من عقد الإخصاء والذنب، وصولاً إلى الأنا التي تُعَدّ حالة سلطوية داخل الجهاز النفسي ينبغي تفكيكها عبر العملية الفُصامية بوصفها رحلة لفقد الأنا.
* أهدف البحث
يهدف هذا البحث إلى تحليل الرؤى النقدية التي قدّمها جيل دولوز وفليكس غوتاري للتحليل النفسي، ورصد المنطلقات الفلسفية التي اعتمدا عليها في هذا النقد، مثل رفض عقدة أوديب كبنية كونية لتفسير الرغبة، ونقد مركزية اللاوعي والبنى الثابتة المبنية على الثنائيات. كما يسعى إلى تقييم الآثار المترتبة على هذا النقد، سواء على المستوى النظري أو العملي، وفتح آفاق جديدة لدراسة فلسفة الرغبة والجسد في ظل الرأسمالية المتحضّرة.
* أهمية البحث
تنبع أهمية هذا البحث من كونه محاولة للإضاءة على إشكالية جوهرية في الفلسفة المعاصرة تتعلق بكيفية التعامل مع الغرائز والمرض العقلي داخل المجتمع الرأسمالي. كما يطرح أسئلة أساسية في الفلسفة والتحليل النفسي والنقد، ويسعى للكشف عن العلاقة بين التحليل النفسي والسياسات الرأسمالية، ودراسة الآثار الأخلاقية المترتبة على تطبيق التحليل الفُصامي. وهذا ما يمنحه بعداً تطبيقياً من خلال إمكانية إعادة صياغة العلاقات والترابطات الإنسانية بصورة متحرّرة وفق هذه المفاهيم. كذلك يمثّل نموذجاً للتفاعل الخلّاق بين الحقول المعرفية، إذ يبيّن كيف استعار دولوز وغوتاري مفاهيم من الطب النفسي والأدب والفيزياء وأعادا تشكيلها ضمن أطر جديدة تخدم أهدافهما النقدية وتفكّك شفرات الواقع المعقّد على مستوى الفرد والمجتمع، مما يجعله وثيق الصلة بتحديات العصر الراهن.
ويكتسب البحث أهمية خاصة كونه أول دراسة من نوعها باللغة العربية، ولا سيما فيما يتعلق بفليكس غوتاري الذي لم يحظَ بعدُ بالاهتمام الكافي لا على الصعيد العالمي ولا العربي.
يذكر أن البحث من إشراف د. ناريمان عامر – قسم الفلسفة، جامعة دمشق،
وقد نال درجة امتياز بعلامة (90)،
وتألفت لجنة الحكم من السادة الدكاترة: محمد شحادة، صفاء شريبا، ناريمان عامر (مشرفاً).

تصفح المزيد..
آخر الأخبار