العــــــــــــــدد 9288
الأحــــــــد 10 شـــباط 2019
تمثل زهرة عباد الشمس الشعور بالدفء والسعادة بالإضافة إلى تمثيلها للولاء والثبات، وإهداء باقة من زهور عباد الشمس تدل على إعجاب مخلص وتدل على الولاء والاستمرار فيه ذلك أنها تدور باتجاه الشمس.
لقد لفتت هذه الزهرة المفضلة لدى شعوب كثيرة انتباه الفنان السوري غورو سليمان عندما بدأ بزراعتها في سن صغيرة برفقة والده في ريف الحسكة في قريته (سفر) تلك القرية التي رافقته في أسفاره وترحاله وأبت أن تغادر روحه كما زهرة عباد الشمس فرسم حقولها وزهورها في لوحات تفيض بالمحبة والجمال.
حمل غورو هذا الاسم الذي يعني الذئب في الكردية، إلا أنه أحب اسمه الآخر (أمير عباد الشمس) أكثر، وقد ذكر أكثر من مرة أنه يملك قوة الإرادة كالذئب ويخلص لمحبوبة واحدة مثله لكن علاقته مع زهرة عباد الشمس هي قصة عشق لا تنتهي ولا ينوي الخروج منها على الرغم من كل المعارض الفردية والجماعية التي أقامها حول ذلك.
لم يكن رسمه لهذه الزهرة تأثراً بفنانين عالميين كفان كوخ بل إنه لم يكن قد سمع في حياته بهذا الاسم في ذلك الريف القاسي في قرية نائية، رسم لوحده متأثراً ببيئته ولم يشجعه أحد إلى أن انتقل إلى مدينة الدرباسية حيث تلقى تعليمه الثانوي هناك فلفتت موهبته بعض المدرسين الموفدين من الساحل وشجعوه وحفزوه بوضع درجات جيدة في موادهم العلمية ليثابر على موهبته في الرسم.
شارك في معارض مدرسية وبدأ برسم بورتريهات للفنانين المشهورين آنذاك كنجلاء فتحي وعبد الحليم حافظ وغيرهم، وظل يرسم بورتريهات لمدة خمس عشرة سنة،
ولأنه يحب الجمال فعينه غالباً لا تلتقط إلا الصور الجميلة فيقدمها برؤياه الخاصة، إنه مؤمن برسالة الفن الجمالية فألوان أزهاره مبهجة ومتنوعة ما بين الوردي الفاتح والأحمر والأبيض والأرجواني والأصفر..
لكن اللون البنفسجي وتدرجاته يطغى بقوة ربما كونه لوناً مطواعاً يوظفه في حالتي الفرح والحزن.
نجده يميل أيضاً للّون الذهبي لون القمح والحنين إلى ريفه الذي غادره إلى دمشق، هذه المدينة العريقة والأصيلة لم تغوه ولم يتمكن من الانسجام معها كما يشاء فكان نشاطه فيها مصحوباً بالحزن لافتقاده بساطة العيش التي عشقها في الطفولة.
سحرته اللاذقية ببحرها وناسها فملأت قلبه بالحب والسرور أكثر مما فعلت أي مدينة أخرى بعد مدينته الأم، وانسجم مع أهلها الذين بادروه وأعماله الحب وتابعوا عرض لوحاته بشغف وقد جذبهم ذلك الملمس الخشن للوحة بحيث يشعر المشاهد بصلابة سيقان الزهرة ورقّة تويجاتها.
الورد رمز للحب، هدية جميلة لصديق أو مريض، إنه رمز لتذكر الموتى الراحلين ودليل وفاء ونقاء للأحبة الأحياء، وهو مناسب للاحتفال بحصول أمير عباد الشمس أخيراً وبعد كفاح ونضال على جنسيته السورية التي افتخر بها، فلطالما آلمته حقيقة أن المرأة التي تلد في طائرة فوق أجواء بلد ما يحصل مولودها على جنسية ذلك البلد، أما هو فسوري الهوى والهوية..
نور نديم عمران