عين بسـنادا ماء دافق بالحيـاة

العدد: 9393

الثلاثاء23-7-2019

 

أحد أهم معالم بسنادا التي ينشرح لها صدر القرية لتتوسد التاريخ وتغور بآلاف السنين، بنسيجها المعماري الذي يضفي ملامح الرونق والجمال فتكون نقطة جذب للزوار والسياح .
أبو يوسف نعيسة، جار لعين ماء بسنادا الرومانية منذ أكثر من سبعين سنة وقبله والده وجده وقد شكلت لهم جميعاً الاسم والدار وحسن الإقامة والجار، حيث قال: يسري ماؤها سلسبيلاً في دمي منذ طفولتي فكانت حديقتي وملعبي، ولهذا أحاول كما أهالي القرية قدر المستطاع المحافظة على نظافتها وإيلاءها كل اهتمام لقربي منها، وقد مر العمر بنا وهي ما زالت شابة يقصدها كل الناس والشباب، ماؤها مقدس فيه ماء الشباب والحياة، فكل من شرب ماءها لم يصبه المرض يوماً إلى أن أتت مياه الصنبور واستهان الجميع الحصول على الماء، فكان أن استبعدوا العين وبدأت أمراضهم بالظهور ليعاودوا اللجوء إليها كل حين، لكني ما زلت يومياً أحضر الماء بنفسي للشرب منذ بزوغ الشمس وما يكفينا لكل ساعات النهار.
ولكني رأيت بعض العبوات الفارغة المرمية فيها والأوراق فكيف يمكن شربها؟
الماء جارٍ ويتدفق رقراقاً من مغارة منحوتة بالصخر بعمق عدة أمتار لتملأ حوضاً نصف دائري بعمق يتجاوز المتر والنصف وينزل إليه عبر درج حجري يصلها ب12درجة من الحجر، كنا في تشرين حين تشح المياه كنا ننزل في القناة وفيها ممرات نجليها وننظفها جيداً كل عام وننفذ من ثلاث قنوات منها: وعلى بعد 400متر بخط نظر تسمى عين شورب وهم اليوم يرممونها وفوق مائها تجثو شجرة كاكاو، والثانية في جهة أخرى عين صلولين، أما الأخيرة فقد ردمت بأعمال الطرقات لتنفذ في أحد البساتين مياهها فتروي أراضيها وزرعها، كما قال لي أحد المهندسين والخبراء بالآثار: توجد قناة أخرى من العين تنفذ في رأس شمرا المدينة عين بسنادا تعود بهندستها إلى العهد الأوغاريتي والروماني.
كانت عين بسنادا مقصداً للنسوة يتسلين ويقمن ببعض أعمال الغسيل والجلي، لكن كل ذلك سببه مياه الصنابير التي وصلت بسهولة لكل البيوت وأغنتهن عن العين، لكنها بقيت في ذاكرتهن وخارطة أيامهن ومقصدهن بشوق وحنين، ومنذ ما يقارب العام تم تسويرها بالحديد وترميم وإعادة تأهيل العين من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي undp بالتعاون مع محافظة اللاذقية ومديرية الآثار والمتاحف تحت مبادرة (مديتنا نظيفة) وقد استاء أهل القرية من تبديل الحجر بغير لونه والمواد وبعض التفاصيل وعدوه تشويهاً، وأوقفت الأعمال وتركها على حالها، يوجد حراس على العين لكنهم يتغيبون ولا نراهم فنقوم نحن بحماية العين والحفاظ عليها، تصل إليها كروبات سياحية كثيرة ويأتي أهل جمعية أرسم حلمي ليقوموا ببعض النشاطات الفنية.
وفيما مضى كانت تزورها قوافل طريق الحرير مع تجارها من حلب والقامشلي ودير الزور والعراق أيضاً حيث أوصوا بقصد عين ماء بسنادا ليحملوا لهم ماءها كما أي بضاعة بإيجار، ولا يمكن أن نغفل عن مقام لسيدنا الخضر الذي هو في سائر الديانات رمز الخير والسلام.
ذكرت هذه العين بكتب التاريخ ووثقت وصنفت ضمن الآثار العالمية، وقد ذكرها أحد الرحالة الأجانب منذ العهد القديم (توجد عين ماء متميزة بنقائها وطيب مائها تنبع من مغارة محفورة في الصخر) أما مطران الجزيرة للسريان الأرثوذكس متى روهم ذكرها (بسنادا، هضبة عين البيضا اللاذقية الباء في أوله beit من بيت ومكان والجزء المتبقي من السريانية Snada أي السند والدعم.

هدى سلوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار