المسرح بين صورتين… ندوة في اتحاد الكتاب العرب باللاذقية

الوحدة:23-5-2024

بالتعاون بين فرعي اتحاد الكتّاب العرب في اللاذقية والرقة أقيمت ندوة بعنوان: ( المسرح بين صورتين)، شارك فيها كل من السادة: الدكتور حمدي موصللي، الأستاذ مصطفى صمودي، الأستاذ منير الحافظ، المخرج حسن عقلا وذلك في قاعة الأنشطة بمقر الاتحاد.
“الوحدة” حضرت هذه الندوة المميزة والقيمة بكل جوانبها ومضامينها وفيما يلي نسلّط الضوء على أهم ما جاء فيها من محاور.
في البداية رحب د. حمدي موصللي بالحضور الكريم وبالأساتذة المشاركين مشيراً إلى اهمية المسرح الذي هو قبل أي شيء كشف، كشف حياة فرد… خصائص بيئة علاقات تاريخية.. مصير إنساني وهذا الكشف برأيه يحتاج لرؤية تتخطى الآتي، المألوف، الراهن، اليومي وترى كل ذلك من منظور الصراع والتحول، وتخطي الثابت في علاقات تقوم أساساً على تفجير الساكن وتحويله إلى حياة فالمسرح العربي والسوري الذي هو جزء منه، هذا المسرح مصاب بداء إدارة الظهر عن المحيط، وتنفيذ العرض المسرحي بالاستهداء بنصوص أجنبية مترجمة لا تتقاطع مع همومنا ولا تحمل خصائصها وهو أيضاً إن اعتمد النص المحلي فالنصوص المحلية والعربية نراها في معظم ما أنتج تقوم على حالات افتراضية قد تلامس الواقع لكنها لا تخدشه بعمقه ولا بصلب علاقاته.
– النص المسرحي إلى أين؟
جاءت مشاركة الأستاذ مصطفى صمودي في المحور الأول من الندوة تحت عنوان: النص المسرحي إلى أين؟ تحدث فيها عن هموم النص المسرحي ..كيف كان المسرح سابقاً؟ وما هي المعوقات التي علينا تخطيها ليعود للنص بهاؤه؟ حيث قال بهذا الخصوص: في المسرح أيام الإغريق كان المخرج هو المؤلف إلى أن أتى شكسبير وموليير فكان الإخراج من نصيب الممثل الأهم والأبرز ولكن في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين حيث بدأ الانفجار المعرفي والتقانة غير المتوقعة التي خدمت المخرج ولم تخدم المؤلف لأنها أعطته لغات سمعية وبصرية استطاع بها ومن خلالها أن يوقف المؤلف في مكانه إلى أن أدخله إلى غرفة الإنعاش.
– الممثل المسرحي من هو؟ وما دوره الأساسي في المسرح؟
تحدث المخرج حسن عقلا في المحور الثاني من الندوة عن رؤيته للممثل في المسرح العربي وإعداده ضمن إطار الدور وإطار الممثل، حيث قدم رأياً شارحاً لوظائف الممثل الكبرى ودور هذا الممثل المبدع الخلاق في إنارة الخشبة فكرياً واجتماعياً يبث عبر أدواته التعبيرية الهدف الأعلى للعرض المسرحي عموماً، فالممثل برأيه هو الأداة الفاعلة في المسرح وبدون الممثل لا يوجد مسرح، فهو بوصفه كإنسان يفصح عن نفسه بنشاطه الإنساني والإبداعي من منظور رؤية واعية لنفسه ولمن حوله وللحياة ذاتها وأضاف: لم يكن هناك منهاج عمل للممثل إذ كان يأخذ أدواته ممن سبقه ثم دعت الحاجة أن يكون الممثل معداً إعداداً يشكل استجابة نوعية لنقل المحتوى الذي بين السطور و أن يفسر ويشرح النص المسرحي درامياً بوسائل أخرى تتعدى مجرد الصوت، حيث أصبح للجسد الإنساني دور هام ولهذا أضحت الحاجة ماسة إلى تقديم رؤى مختلفة عن المسرح.
– التمثلات السياسية في النص المسرحي
في المحور الثالث من الندوة قدم الأستاذ منير الحافظ تعريفاً للمسرحية السياسية وأهدافها و أشهر مبدعيها حيث قال: المسرحية السياسية هي أدب وفن مشاكس يمارس هجاء الواقع و تعريته كما أشار إلى بدايات نشوء المسرح السياسي في بلاد الإغريق والمسرح الملكي الاليزابثي أيام شكسبير والمسرح الملحمي الألماني برنحيت والمسرح السياسي في الوطن العربي الذي بدأ في مصر على يد شهداء المسرح : الفريد فرج، عبدالرحمن الشرقاوي، صلاح عبد الصبور، توفيق الحكيم، سعد الله وهبة، نجيب سرور، لينين الرملي، ميخائيل رومان، عز الدين إسماعيل. أما المسرح السياسي في سورية فقد نهض على أيادي كتاب كبار أمثال: سعد الله ونوس الذي دعا إلى تسييس المسرح بغرض معالجة قضايا الناس، وختم بالقول: إن كل مسرح هو سياسي بالضرورة بوصفه يحمل مثنوي (تعليمي / تحريضي) ويتولى وظيفة التوعية والدفاع عن حقوق الناس.
– العرب والمسرح:
شرح د. حمدي موصللي الأسباب التي أخرت ظهور المسرح عند العرب قائلاً: ثمة أكثر من سؤال طرحه العاملون في شؤون المسرح وإن اختلف بعضهم، لكن أكثرهم اتفق على حقيقة أن العرب (لا في أزمانهم الغابرة، ولا في أوج حضارتهم عرفوا المسرح)، وإن استطاعوا أن يلامسوا شيئاً يشبه المسرح، فأطلقوا مجموعة من المسميات مثلاً: (الظواهر المسرحية، الشعائر الدرامية، الطقوس الدرامية عند العرب).وهذا الفن أفاد الإنسانية إفادة عظيمة لدرجة أن الفلسفة اليونانية نتجت من وحي الدراما الإسطورية، وبدورها أنتجت للعالم منظومة فلسفية أفادت في بناء أنظمة الممالك والدول من قبل التشريعات والقوانين التي أنتجتها والتي انعكست على مختلف جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وبرأي د. موصللي ومن بين أسباب عزوف العرب وهذا الفن الراقي الميثالوجيا (الأساطير والملاحم) لديهم سيرهم الشعبية (الحكاية والخرافة)، وكان الشعر شاغلهم والشاعر لسان حال القبيلة وميلهم للحرية المتأصلة في بساطة العيش (الحياة البدوية).
وبقوا هكذا مئات السنين حتى أنهم لم يتأثروا بمن حولهم من الأمم المتحضرة وأيضاً المدينة والمدنية فلم يعرف العرب المدينة ولم يتحضروا ليعيشوا المدنية فكانوا في عيشهم أقرب للبدو والتشتت والترحال والبساطة والتابعية.. والمسرح لا ينمو إلا في ظل المدينة والمدنية.. والمدينة العربية وجدت لأول مرة عندما بناها أبو جعفر المنصور (دار السلام) بغداد التي أصبحت عاصمة الدنيا، عاصمة الثقافة حيث أمها الشعراء والعلماء والمفكرون وأصبحت قصور الخلفاء والولاة والأمراء ملاذ أهل العلم والفكر والشعر.

ندى كمال سلوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار