بين الشـط والجبل … رغْمَ أنَّ ..

العدد: 9371

 الأحد-23-6-2019

 

 

رغم تجلْجل أجراس الأسى، ورغم موار الشواطئ، ورغم الرمال التي يلهبها الظمأ، كنّا نسِلم خطونا للريح، وندقّ جباه الدروب، وكانت المواويل تهلّ في قلوبنا . .
***
رغم أنّ الضباب راح يغزل خيوطه في عيوننا، ورغم أنّنا غدونا كالذكريات على أرصفة المنافي، ورغم أنّ ضلوعنا تيبّست كالحطب، وأيدينا تشققت، ظلّت ابتساماتنا تقلع من على شفاهنا وترفّ كالنوارس في عرض البحر.
***
رغم أنّ دروبنا أتعبها النبض، وأرهقها وجع الرفض، ورغم غشاوة المصير، وانكسار الخطا، وعذابات الكهولة، وجوع المهاتير، والنوم فوق حصير الشقا،
كنا مثل صفصافة سيّجتها العصافير بالعشق . .
***
رغم هياج الشتاء، وخداع الموانئ ونزف الموج وطين الضفاف، وجعبة المآسي كان السؤال دائماً: متى يزهر الرجاء؟
***
رغم حشرجات الحصى، ولجيج شفاه الجداول، وصقيع الذعر، ومحنتنا ذات الدروب الطويلة والشائكة، ورغم نحيب المراكب ورماد الحنين المهاجر، كنّا نقهقه ملء الشروق، ونوغل في نسل الضياء . .
***
رغم هروب الشذا، ونوم خيوط الفل، وأفول القمر، كنّا نفتح للريح الصدى، ونحتمي بالندى، وظلّ الغمام ينسفح على المدى.
***
رغم أنّ أعمارنا كانت رذاذاً من الجمر، وتاريخاً يؤرخه القذى، ورغم وعد البروق الكاذبة، وسهو المطر، ظللنا نرقب غيمة ترنّحها الريح فتسقط حملها . .
***
رغم أننا وقبل سبعين حزناً كنّا نجيء من أقاصي الغياب، ونصلّي للينابيع كي تسلسِلَ ماءَها وتروي ما بجوفنا من ظماء.
رغم جفاف الحصاد، ومحل السنابل، وغياب رنين النوارج، كنّا نغنّي لغدٍ يسرج الأماني ويجلو عن رؤانا خيوط هذا الليل الضرير.

سيف الدين راعي

تصفح المزيد..
آخر الأخبار