بين الشـط والجبل … «ع النسخة القديمة»

العـــــدد 9370

 20 حزيــران 2019

 

 

للوهلة الأولى قد يبدو الأمر مستغرباً أنه وخلال عطلة نهاية الأسبوع يمكن تغيير ملامح الوجه بالكامل ليبدو صاحبه نسخة جديدة كلياً كما ويمكن تعديل محيط الصدر، وقياس الخصر والأرداف وإزالة الترهلات والتجاعيد من أنحاء الجسد عبر ما بات يعرف بعمليات التجميل والجراحات السعيدة، هل سمعتم بالجراحة السعيدة التي تعيد الشباب والحيوية والنضارة، وتوقف دورة الزمن عبر تقنيات متقدمة تستخدم فيها أشعة الليزر حمراء وصفراء وما بينهما.
سألت يوماً طبيباً جراحاً عن تعريف بسيط للعمل الجراحي فقال: هو محنة مؤقتة للمريض اليوم تحوّلت المحنة إلى منحة عند آلاف مؤلفة من النساء والرجال على حد سواء، ولم تعد مقتصرة كما كانت على نجمات السينما والفن وسيدات المجتمع المخملي بل على العكس أضحت في بيئتنا موضة يبتغي أصحابها تحسين مظهرهم، وإظهار كمال وجوههم، والظفر بمزيد من التألق والجمال المؤقت.
استبدلت الكثيرات النسخة القديمة لملامحهنِّ بنسخة جديدة مختلفة كلياً تذكرنا بحكاية ذلك الشاب الصيني الوسيم الذي تزوج امرأة تبدو للعيان جميلةً وجذابة وأنجب منها ثلاثة أولاد على درجة من البشاعة والقبح ما زاد من شكوكه وريبته حول سلوك امرأته فلجأ إلى تحليل الـ (DNA) وبينت النتيجة أن الأولاد من صلبه، وعندما ألحّ على زوجته بالأسئلة ومارس عليها صنوف الضغط اعترفت أنها أجرت ثلاث عمليات تجميلية قبل الزواج لكن الأولاد جاؤوا وفقاً للنسخة القديمة فما كان منه إلا أن لجأ إلى المحكمة التي حكمت له بمبلغ كبير من المال وأجازت له الطلاق التعسفي.
الاهتمام بعمليات التجميل وتغيير الملامح تختلف من بيئة إلى أخرى ومن بلد إلى آخر في ألمانيا مثلاً يعادي غالبية الشعب هذا النوع من العمليات ويقف على حافة العداء حيال كل من يقدم على تغيير ملامحه لدرجة أنه أجبر مستشار ألمانيا الأسبق (شرودر) على الاستقالة لأنه صبغ شعر رأسه على اعتبار أن من يقدم على فعل كهذا مستعد لتغيير أفكاره واستبدال قناعاته، وفي محيطنا أصبحت تلك العمليات تقدم كهدية نجاح وبخاصة جراحة تجميل الأنف ومن المنتظر أن تزدهر عيادات التجميل بعد صدور النتائج الامتحانية كالمعتاد.
بالمحصلة يلهث الكثيرون رجالاً ونساء وفي كل مكان وراء جمال الشكل والمظهر في زمن يكثر فيه القبح وتشويه الجوهر، وفي زمن أكثر ما نحتاج فيه شفط الحقد، وتكبير العقل ونفخ الضمير وليس شيئاً آخر.

إبراهيم شعبان

تصفح المزيد..
آخر الأخبار