سر الأمكنة؟!

الوحدة:4-2-2024

لو أنك ممن يؤمنون بأن للأماكن تأثيراً في البشر مثلها مثل تفاعل البشر مع بعضهم بعضاً حباً وكرهاً وعشقاً ومرارة، أنا على يقين تام أن للأمكنة طاقة تتفاعل مع البشر سلباً أو إيجاباً، وربما أحياناً لا تترك أثراً، هناك مكان ندخله لأول مرة فنشعر بأننا مررنا به من قبل ونتساءل: هل جئنا هنا سابقاً أم أنه ربما كان حلماً؟.
كأننا نقابل وجهاً للمرة الأولى لكننا رأيناه من قبل، ندخل مكاناً فنقع في غرامه ذلك، هو الحب من أول نظرة،
نشعر في هذا المكان براحة وأن بإمكاننا أن نكون أنفسنا تماماً، وربما لو تساءلنا عن سبب الإحساس الطيب بالمكان لحزنا:
هل هو جمال المكان؟ فنرد على أنفسنا لكننا نرى أماكن أخرى جميلة فلا نحبها بهذا الشكل وأحياناً كثيرة نفشل في العثور على مبررات العشق.
إذ ندخل إلى مكان فنكرهه ونريد المغادرة فوراً، وإذا لم نستطع الرحيل فإننا نظل نشعر كأننا في أزمة إلى أن نترك المكان.
لم يكن باستطاعتنا أن نكون على راحتنا تماماً، شيء ما يطبق على أنفاسنا، وعلى الرغم من أن كل البشر لديهم أزماتهم، فإن هؤلاء الذين يعرفون سر الأمكنة يتعاملون بشكل أفضل مع الأزمة، المكان لن يحل أزماتك لكنه سيقربك من نفسك أكثر، وذلك هو بداية الطريق الذي سيقودك إلى معرفة أعمق بمن أنت وماذا تريد من نفسك ومن زوجك ومن الحياة عموماً، عندما لا تكون لك صلة واضحة بمكان، أو بمعنى أدق انك لاتعلم ماتعنيه بعض الأماكن كبيت الجد القديم ذي الحوائط العالية ومدرستك ذات الأشجار العتيقة التي تلقي بظلالها على الملعب وقت الفسحة والشوارع بجوامعها القديمة والأسواق إن كل من تلك الأماكن قد تحفر في الروح تاريخاً وروائح وظلال ابتسامات لا يمكن أن تمحى، وفي كل زيارة لأحد تلك الأماكن تتفتح مسام الروح لتتلقى كالإسفنجة سيل الروائح والألوان وشكل حجارة البيوت لتصبح تلك الزيارات علاجاً مطلوباً.

لمي معروف

تصفح المزيد..
آخر الأخبار