الوحدة:29-1-2024
– جاري في الطّابق الأعلى يُصدر أصواتاً رعديّة كلّ يوم، فتهتزّ الجدران وتكاد تلتصق!
حين طلبتُ منه الكفّ عن رعده: صرخ في عدائية تجبرني على تقديم المديح والثّناء!!
هكذا هي سلوكيّات البعض، والمطلوب مني ومن أمثالي: إتقان ممارسة الصّمت والهدوء الّذي لا يعكّرُ الضّجيج.
تمنّيتُ لو أسكن جحراً نائياً تحرسه مخاوفي من عواء ذئبٍ عضّهُ الجوع.
– مجنونٌ يحلمُ وسط الزّحام، ويهنّئ نفسه أنّ لا أحداً يقاسمه أحلامه.
لم تدم فرحته، ليقينٍ مفاجئٍ عنده، أنّ نصفه الآخر يشمتُ فيه، فبكى ولا يدري كيف يتوقّفُ عن البكاء.
كذلك نحن – ولكثرة همومنا – فكم من دموعٍ نذرفها ولا ندري كيف؟!.
– واجهةٌ تجاريّةٌ تعرض الأزهار اليابسة والزابلة، فهي آخر صرعةٍ في التصاميم و (الديكور)، ودون ذلك فذوقك يا عزيزي يعني فاقعٌ لا يتطور؟!
أصواتٌ تصعد وتستطيل من الهواتف الذكيّة، على أنّها غناءٌ يُشبعُ الصّمت. أمّا المقامات الموسيقيّة فلا أحد يكترث لها، ولا أحد يدرك أنّ الأمطار لا تصعد من الأرض، بل تهطل من غيومها.
– الأسلاك الشائكة تمّ تقليمها، وشعر الرّأس صار ملوّناً، أمّا الرّبيع فقد راح يستريح بين الفصول، احتجاجاً على انشغال الألوّان برؤوس البشر.
– الاعتذار ضعفٌ للّذين لا يرون السّماء إلّا بعلّو أسقف منازلهم، و.. هم كُثر.
– قبلُ ثلاثين عاماً: أقرضتُ أحدهم مبلغاً مجزياً من المال، وحين أعاده قلت له: أعدْ لي يوماً واحداً من تلك الأعوام الثلاثين، وإلّا فلن آخذها.
أشاح بوجهه وهو يقول: لم أعلم أنّك تتعامل بالرّبا!
أجبته بهدوءٍ شديدٍ: وأنا أيضاً لم أعلمُ أنّ نسيانك للمبلغ سيدوم ثلاثين عاماً.
– في يومٍ ماطرٍ دعاني أحد المعارف لداخل سيّارته هرباً من البلل، ثم قال: لو كُنْتَ في سيّارة أجرةٍ، فستدفع مبلغاً طائلاً، وها أنت في نعمةٍ بعد أن قمتً بتشغيل التكييف الدافئ.
صرخ بشكلٍ مفاجئٍ: حافظ على المقعد من ثيابك المبللّة.
ما كان منّي إلّا أن اعتذرت، وتمنّيته بكلّ رجاء ممكنٍ إعادتي إلى المكان الذي جئت منه، لسبب قاهرٍ جدّاً.
عدتُ والمطر يهطل بغزارة أكثر، وأنا مستمتعٌ بكلّ قطرة ماءٍ تستقرّ جسدي ببرودة وقشعريرة.
سمير عوض