الوحدة : 24-1-2024
* جميلة:
رآها فأحسّ أنه يصعد مع أحلام الطّيور!
يقترب أكثر، فيغسل وجهه من نافورة ربيع تتدلّى بالألوان.
أما هي فقد ابتعدت كجدران الرياح.
يقول إنها لوّحت بيديها.
مضت أعوام طويلة، وهو يقنعنا أنها لوّحت.
ليته أحب من آخر نظرة، فأول نظرة للرحيل.
* رمال:
الرمال تحمل البحار والمحيطات، وهي أكثر أماناً للودائع.
في كل مرة أزوره فيها، أجده يخبئ في أكياس الرمل الصغيرة زجاجات العطر التي كان سيهديها لفتاة سيتقدم لخطبتها.
تكررت المحاولات الفاشلة، وفي كل محاولة زجاجة عطر.
في أكياس أخرى، وضع أساور وعقوداً وخواتم لم يجد لها فتاة مناسبة كما يقول هو.
أذكر آخر مرة رأيته فيها مستلقياً على شاطئ رمليّ. من يومها لم أعرف عنه شيئاً.
سنوات مرّت وأخباره مقطوعة. قيل لي أنّه في بلد (أوروبي)، وقيل أنه ما زال يترنّح ما بين التجوال والإقامة في المدن القريبة.
أكياس الرمل مازالت موجودة لأفتحها. وفعلاً قمت بما يجب عليّ فعله، لكنني لم أجد شيئاً على الإطلاق. أما رمال الشاطئ فما زالت تحمل البحار والمحيطات والذكريات المجهولة التي تشبه صندوقاً فارغاً.
* قلادة:
راح يكسر أيامه لهواً وعبثاً، ثم يجتاز مسافات لا همّ له منها سوى شتم الظروف، مع أنه لم يفعل شيئاً في جميع مراحل حياته.
قال في سرّه: من يسبح على أمواج السراب، لن يتذوق سوى ملوحة غرقه، فعدّل من خطّته في رمي نفسه بالنهر الجارف، إلى تعليق نفسه قلادةً على صدر شجرة.
سمير عوض