من دفتر المساء

العدد: 9366

 الأحد-16-6-2019

 

 

فوق بيادر القرية وبيوتها، في ليالي الصيف المقمرة، كانت السماء تسطع بالنجوم الزاهية، أشبه بزهور الأقحوان البيضاء وقد نمت متناثرة في حقل منبسط..
الطريق إلى الشاطئ خالٍ إلاّ من سيارة قصدته وتوقفت جانباً، فنزل منها سائقها ليرقب حركة طيران بعض النوارس والأخرى التي تتهادى في حركتها متثاقلة مع هدهدة الموج القادم إلى رصيف الشاطئ لينحني في انكسار مع ملامسة الصخور وعناقها، ولتبدأ أغنية الموج في (سمفونية) لا تنتهي موسيقاها، مع السهر والبوح والسفر.
هنا على مقاعد الشاطئ تتعاقب الوجوه بالجلوس عليها والرحيل عنها، تتعاقب الفصول، والليل والنهار، والصفح والعتاب والهمس والحكايا وتطاير الأشعار والأغاني وتشابك الأكف وعناق الأيدي..
وهناك من تلك المراعي تتردد بحّة ناي شجية لراعي القرية وقد تباطأ في العودة، وصهيل خيل تحمحم من بعيد، وفوق تلال القرية يترقرق الندى وبأيدي النسيم تتمايل رؤوس الأشجار أشبه بقامات تتحرك يمنة ويسرة لحظة اللقاء في احتضان وعناق..
الانتظار هنا يكون بطعم العسل وأحياناً بلون الكرز أو طعم السفرجل.. ويضحى التواصل عامراً بالحبّ وقامة من الرضا ورقة من المودة.. وينتشي العشب بالندى في ذلك المساء الأوغاريتي الهادىء الوديع..
ويبقى دفتر المساء يتهجى المطالع والوجوه ومن أتى وراح، ويسجل على صفحاته وقائع الأحداث واللقاءات بألوانها كافة، ولأصحابها كلها.. وفي خلده وصدره تدور أسرار المكان وأصداؤه..

بسام نوفل هيفا

تصفح المزيد..
آخر الأخبار