المراهقة المتأخرة …. محاولة للهروب من استحقاقات العمر!

الوحدة 28-10-2023

كثير من الرجال تحديداً يمرون ابتداءََ من مرحلة منتصف الأربعينات وما بعدها بحالة نفسية وسلوكية غير متوازنة، فهم يحاولون إعادة عقارب الساعة إلى الوراء من خلال سعيهم إلى محاكاة تصرفات الشباب في مرحلة المراهقة الأولى بكل مظاهرها، كالمبالغة في الاهتمام بالمظهر والأناقة، والتعرف على فتيات مختلفات السن والطيش والتهور عموماً بالسلوك واتخاذ القرارات.

فما الأسباب التي تكمن وراء هذه السلوكيات؟، هل يمكن تبريرها واعتبارها حالات طبيعية، أم أنها حالات غير سوية وتستدعي المعالجة النفسية أو الاجتماعية؟ ….

اختلفت وجهات النظر وتنوعت كثيراً حول هذا الموضوع، فبعضهم يرى أن هذا الحالات تشهد تزايداً ملحوظاً في عصرنا الحالي مقارنة بالماضي نتيجة مفرزات العولمة، فالفضائيات المفتوحة تركز بشدة على أهمية الجمال والمظهر في حياتنا، وضرورة البقاء في مرحلة الشباب مهما كلف الأمر، ما يعني أن الرجل اليوم أصبح أكثر تمسكاً بكل المظاهر الشبابية التي تثبت أن عروق الصبا مازالت تنبض فيه، على رغم المشيب وكل الاعتبارات الاجتماعية التي تحدد له تصرفاته وتجبره على ارتداء ثوب الوقار والنضج بكل أشكاله وبالمقابل ازدادت متطلباته أيضاً من زوجته لتكون أكثر جمالاً وشباباً وحيوية وقدرة على تلبية حاجاته العاطفية، ومن هنا تبدأ الأزمة الحقيقية التي تسمى اجتماعياً المراهقة المتأخرة وفي علم النفس تسمى (أزمة منتصف العمر).

إن المراهقة المتأخرة مرحلة يمر بها معظم الرجال، وفي كل المجتمعات، خاصة عندما تتوافر الأسباب الرئيسة لظهورها بشكل واضح و تكون ناتجة عن أسباب عاطفية عميقة متعلقة بالشريك، كافتقاد الحب والحنان. والاستقرار النفسي والعاطفي في الأسرة، فهناك كثير من الأزواج يكتشفون بعد فوات الآوان أنهم يعيشون مع زوجة غير مناسبة أو زوجة تفتقد القدرة على فهم حاجات الزوج، كأن تكون غير مبالية بزوجها، أو غير مهتمة بنفسها وشبابها، وقليلة الرومانسية، أو ربما تعطي كل وقتها لأولادها أو لعملها، وهناك أسباب أخرى كالضغوط النفسية والاجتماعية، لهذه الأسباب يلجأ الزوج للمراهقة أي عدم الاستسلام لمظاهر الشيخوخة والمرض والعجز واليأس والسعي إلى التجديد والحب، لأن ذلك يغني الروح ويزيد الإبداع.

وهناك الكثير من الرجال يعيشون مع زوجات يقدمن لأزواجهن كل شيء ومع ذلك يبحث هؤلاء الأزواج دائماً عن نساء خارج المنزل.

تعددت نظرة المجتمع واختلفت حول الكثير من الجوانب، لكنها أكدت أن (أزمة منتصف العمر) هي مرحلة تطويرية في حياة الإنسان عموماً، يمر فيها تبعاً للظروف المحيطة به، ومدى تعرضه للصغوط الاجتماعية والنفسية التي قد تؤدي به إلى الفشل في التعامل معها ، ما يسبب له هذه الأزمة التي تظهر أعراضها على شكل تغيرات جذرية واضحة سواء بالشكل أو العمل أو السلوك أو الحياة الزوجية، أو بالحالة النفسية، أو في نمط الحياة عموماً وبالتالي ظهور أعراض الاضطراب النفسي والاجتماعي التي تستدعي أحياناً تقديم الخدمات الصحية الجسدية والنفسية الملائمة، فالتمرد على الطبيعة الإنسانية والعودة إلى الوراء أمر غير مقبول منطقياً والاستسلام للشيخوخة والمرض واليأس مرفوض أيضاً، لذلك فالتوازن هو المطلوب في النهاية وقد يستطيع الزوجان تحقيق ذلك إن حاولا، لأنهما الأقدر على فهم احتياجات بعضهما بعضاً.

 

لمي معروف

تصفح المزيد..
آخر الأخبار