الوحدة : 24-10-2023
“والشمسُ في كبدِ السماء مريضةٌ والأرض واجفةٌ تكادُ تمورُ”
“أبو الطيب المتنبي”
كم من القرون مرّت .. والشمس في كبد السماء مريضة؟!
شاعرنا المتنبي .. إذن .. المشكلة في الساكنين تحت سقفها:
هذه الأرض الخائفة في كل العصور تترقب بخوف وحذر
ظهور الأشرار والقتلة..
أرضنا الآن تمور بالقتلة
والذئاب .. تبدّلُّ الوجوه غير أن الناس يتجددون..
ومنهم يولد القتلة والأشرار..
مؤكد يا متنبي أن الشمس في زمنك لم تكن مريضة
في كبد السماء بسبب تزاحم الغيوم..
وأن الأرض لو كانت تمور بالأزهار لما وقفت خائفة!
مؤكد يا شاعرنا القتيل أن من قتلوك
هم أجداد القتلة الجدد على هذه الأرض.
* * *
“إن كنزة صوف واحدة منتهية الصلاحية، لا تكفي لعقد صداقة مع الشتاء”
“محمود درويش”
كثيرة هي الأشياء التي انتهت صلاحيتها يا صديقي العزيز محمود درويش مدافع الحرب العالمية الثانية لم تعد صالحة للإبادات الكبيرة..
صار بدلاً عنها القنابل الذكية، والعنقودية، والصواريخ.
هراوات قمع المظاهرات استبدلت بالقنابل المسيلة للدموع
والرصاص المطاطي والحي.. والهراوات الكهربائية..
مسابر الكشف عن آثار الغابرين انتهت صلاحيتها،
وصار بدلاً عنها حوامات وكاميرات ليزرية..
العسس لم يعد لتنصتهم من جدوى.. هناك الكثير من
أدوات التنصت الحديثة جداً.. مكالمة في الجوال تكشف عن نواياك
الأقمار العابرة في الفضاء تستطيع أن تحصي عدد دقات قلوبنا
في الثانية الواحدة.. وتكشف العراة في أسرتهم..
ما حاجتنا إلى الكتب ودواوين الشعر.. ما دام “الفيسبوك”
هو الوسيلة الأساسية للمعرفة وقنْص الصديقات
ولو كن في آخر الأرض..
تنتهي صلاحيتنا عندما نغلق باب الحياة وراءنا..
* * *
“يا للفضيلة الحزينة.. إذا ما خرجت للتسكع في هذا العالم متى
تصل؟!/ مقتبس..
كيف سنرى شبح فضيلة ما؟! ذرة فضيلة طائرة..
سراب فضيلة تتسكع فوق هذه الرمال؟..
في هذا العصر الأمريكي.. الذي يطال رصاص رأس كل فضيلة على هذه الأرض؟
يقول حكيم قريتنا “سعدو البلوط”: لا تيأسوا .. لابد ويأتي
يوم ما، وتنتصر فيه الفضيلة ذات عصر فاضل..
سترونها تتسكع عبر الأزقة والشوارع والدروب المحاصرة
بقطاعي الطرق المرتزقة البررة.
* * *
“لم أكن مؤلفاً لأي شيء.. كنت دوماً أصطاد فقط
أشياء تعبر الهواء.. أدعوكم أن تحرقوا سفنكم، ومثل
الفينيقيين أعتزم أن أخلق لنفسي أبجديتي الخاصة”.
بديع صقور