مقاومة النسيان

الوحدة: ٨-٩-٢٠٢٣
لم يتمكّن العلم حتى الآن من سبر أسرار الذاكرة، كما أن الأبحاث التي أجريت في العديد من المراكز العلمية لم تتمكن من فهم آلياتها وخصائصها، وهناك الكثير من نقاط الاختلاف.
فالنسيان مثلاً، يعرف على أنه عدم قدرة الإنسان على استرجاع البيانات أو المعلومات عند الحاجة إليها، وتتفاوت هذه القدرة بين البشر باختلاف العمر العقلي والعمر الزمني،
فإذا كان العمر العقلي أكبر من العمر الزمني تكون نسبة النسيان أقل فترتفع نسبة أو معدل الذكاء.
يتفق العلماء على وجود ثلاثة أنواع للذكراة وهي الوقتية وقصيرة المدى والدائمة. فعندما تقع عين الإنسان على صورة عابرة، يظل أثرها باقياً لفترة محدودة جداً في الذاكرة المؤقتة، أما بالنسبة إلى جدول المواعيد والهواتف ، فإنها تظل في الذاكرة قصيرة المدى إلى أن تنتفي الحاجة إليها، وهكذا من المفترض ألا يثير نسيانها أي قلق في النفس، بل إن بقاءها في الذاكرة يمكن أن يشكل عبئاً عليها.
وفي الذاكرة الدائمة يحتفظ الإنسان بالمعارف والخبرات الضرورية والأحداث الرئيسة طوال حياته.
وبما أن النسيان يثير الذعر في نفوس الكثيرين، خاصة مع تقدم السن، كانت الأبحاث تحاول إماطة اللثام عن هذه المشكلة من أجل التعرف إلى الطرق العلاجية المثلى التي تخفف من حدتها، خاصة بين تلك الفئة من الناس التي تعاني النسيان نتيجة لظروف مرضية، وعندما تعرض على الطبيب المختص حالة من هذا النوع يلجأ إلى محاورة مريضه وطرح سيل من الأسئلة عليه للإحاطة بأبعاد المشكلة، ويدرك الاختصاصيون قبل كل شيء ضرورة التعامل مع هؤلاء المرضى من منطلق نفسي، فإذا وجد أن مشكلة المريض تتعلق بنسيان مواقع الأشياء الشخصية أو بعض المواعيد الهامشية، فإنه في الغالب يبحث عن المشكلات والضغوط النفسية وحجم أعباء العمل الملقاة على عاتقه، لذا تكون نصائحه منصبة على تنظيم الوقت، والاستعانة بجدول مكتوب يساعده على تذكرها.
أما عندما تصل الحالة إلى حد نسيان الجهة التي ينوي الاتصال بها بعد رفع سماعة الهاتف، فإن ذلك يدل على بعد خطير، وقد يضطر إلى الاستعانة بتقنيات الطب النفسي لتشخيص الحالة من جميع أبعادها، والتي قد ترتبط بجذورها مع أمراض نفسية مستعصية مثل الاكتئاب والمستوى المتقدم من التوتر، ولإقصاء شبح هذه المشكلة، ينصح باتباع نهج وقاية في سن مبكرة، ومنها كتابة المذكرات الشخصية والرجوع إليها من حين إلى آخر، وثبت أن هذه الطريقة من أفضل العمليات التي تنشط الذاكرة.
ولا يمكن للإنسان أن يتوقع من ذاكرته أن تعمل بأقصى طاقة لها، إذا أجهد جسده بعد السهر لليال طويلة من دون الحرص على الاستمتاع بقسط وافر من النوم.
ومن المؤكد أيضاً أن النشاط البدني العام والحرص على تبني برنامج رياضي منتظم يعود بالنفع على الذاكرة، وخاصة إذا كان أحدنا يقضي ساعات طويلة من يومه جالساً خلف المكتب بعد نوبة طويلة من العمل المتواصل، يتعين مكافأة الذاكرة والجسد.
ومن الطرق المنصوح بها، الاسترخاء بعيداً عن الضوضاء وضغوط العمل مما يساعد على إنعاش الذاكرة وتعزيز آليات عملها ومقاومة الاكتئاب.
وبما أن الذاكرة تمثل جزءاً أساسياً من الجسم بأكمله، فإن التغذية الصحية وتبني نمط حياة صحي من العوامل التي تعود بالنفع على الذاكرة بشكل خاص والجسم بشكل عام.
لمي معروف

تصفح المزيد..
آخر الأخبار