العــــــــــــــدد 9356
الثلاثاء 28 أيــــــار2019
لماذا لا يكون الإنسان مبدئياً وصادقاً ومتصالحاً مع ذاته في كل تفاصيل حياته؟ هذا السؤال يؤرقني ويشغل ذهني باستمرار لأن الكثير من أبناء مجتمعنا يعيشون للأسف تناقضاً كبيراً بين أقوالهم وأفعالهم، وبين تصريحاتهم وممارساتهم!
لن أتحدث عن المجاملات والنفاق الاجتماعي الذي يمارسه معظمنا على خلفية ثقافة تربينا عليها، إنما سأتطرق لمثالين يؤكدان التناقض الذي أشرنا إليه بداية..
الأول يتعلق بنظرتنا للإعلاميين والحرية التي نطلبها لهم، والجرأة والنقد البناء الذي نريد أن يمارسهما كل منهم، فمن خلال عملنا وكتاباتنا وطروحاتنا نسمع إطراءً أو مدحاً أو ثناءً من هذا الشخص أو ذاك، كما نسمع كلاماً من عن أهمية وضرورة أن يعطى الإعلام في بلدنا دوراً أكبر في مكافحة الفساد وأن يتسع صدر الجميع للنقد وللرأي والرأي الآخر لكن عندما نقترب بأي شكل من الأشكال من هذا الشخص بكلمة نقد مهما كانت صحيحة وبناءة نصبح بنظره غير موضوعيين ولا نستحق أن نعمل بحرية، كما نصبح في نظره متهمين بالقدح والذم ويجب محاكمتنا، ويتناسى كل الكلام الذي كان يصرح به أمامنا عن حرية الصحافة والرأي والرأي الآخر،.. إلخ.
والثاني يتعلق بمعظم من يتسلمون مهمات قيادية أو تنفيذية حيث يتناسون كل ما كانوا يقولونه ويوجهون به غيرهم خلال توليهم المهمة، ويمارسون عكسه بعد انهاء مهامهم فلا يداومون في دوائرهم الأصلية التي ندبوا منها للمهمة، ويبقون في بيوتهم ويتقاضون رواتبهم مثلهم مثل من يعمل طوال الدوام وفي مختلف الظروف، ولا يحضرون اجتماعاتهم التي طالما دعوا لحضورها والالتزام بها عندما كانوا في مواقعهم، ولا يعيشون حياتهم بشكل طبيعي كما كانوا يعيشونها قبل توليهم المهمة لأسباب مختلفة لا داعي للخوض فيها، وطبعاً هذا يعكس ثقافة اجتماعية سيئة في مجتمعنا يساهم الكثير منا في استمرارها من خلال البحث عن مبررات لهؤلاء في كل الجوانب وبشكل يخالف الأصول والقانون ..إلخ.
أيها السادة كونوا مبدئيين.. ولا تكونوا متلونين حسب مصالحكم، كونوا متصالحين مع أنفسكم ولا تكونوا أسيرين لمتطلبات مواقعكم فالمهمة مؤقتة وليست وظيفة دائمة.
هيثم يحيى محمد