الوحدة: ١-٩-٢٠٢٣
يتأكد لي أن جزءاً من مشكلتنا، أننا دوماً بانتظار الحب، ننتظر أن يطرق أبوابنا ليعيد إلينا أنفسنا ويذكرنا بأننا أشخاص رائعون كما يرانا الآخر، والحديث هنا ليس عن الحب بمعناه الضيق، رجل وامرأة، ولكن بمعناه الأشمل: “أب وأم وجد وأهل وأصحاب” ننتظر منهم، ومنذ الطفولة أن يؤكدوا لنا أننا محبوبون، وقبل أن أبدأ في نقد هذا المفهوم الذي نشترك كلنا فيه والذي كثيراً مايدفع بنا نحو إحباطات وتعاسة مقيمة، دعوني أعترف بأن هذا اجتياح إنساني طبيعي، فالطفل منذ لحظات وعيه الأولى على العالم، وعلى قدر الحب الذي يأتيه ممن حوله، يتشكل وعيه بذاته وصورته وعن نفسه، ولاشك أيضاً في أن الأطفال الذين يعانون نقص المخزون الأول للحب يكبرون بمشكلات عميقة قد ضربت بجذورها داخلهم، فتراهم يتلفتون طوال الوقت حولهم في انتظار نظرة إعجاب وتأكيد دائم. أنهم مرغوبون لكن تلك الحالات ميئوس منها ، بل أنني أعرف بشكل يكاد يكون يقيناً أن الحل للكثير من مشكلاتنا يكمن داخلنا وليس في أي مكان آخر.
ليس بالشيء الغريب أو غير الطبيعي أن ننتظر الحب لكنني لدي اقتراح محدد ماذا لو جربنا أن نكون نحن مصدر الحب ؟ أن نمنح الحب للأشياء والأشخاص بشكل غير مشروط أي من دون انتظار مقابل فوري لما نمنح من مشاعر، بإمكاننا ( أن نقع في الحب عدة مرات في اليوم).
أمر صعب؟ بالتأكيد هو كذلك.. لكنه صعب في بداياته فقط، صعب أن نحب شخصاً لا يوافقنا الرأي، ويتحكم فينا أو يضايقنا ويوتر أعصابنا، لكن علينا ألا نبدأ بالصعب.
دعونا نفكر في أي الأشياء أقرب إلى أرواحنا مشهد غروب مثلاً أو اكتمال البدر وقصيدة شعر أو فكرة تعامل مع شخص تقابله كنا لو كانت أنفاسك قد انخطفت لرؤية أجمل الأشخاص وعش كل موقف تمر به كما لو كنت غارقاً حتى أذنيك في الحب، وعندما تتجلى عين الرؤية فترى الأشياء والأشخاص بطاقة البراءة الوادعة داخلنا، دعونا عندئذ ندلف إلى المنطقة الأصعب، أن نحب من يختلفون عنا، وأيضاً من يتسببون في إزعاجنا وتوترنا ومن أجل تسهيل تلك المهمة، من الممكن أن نبدأ بمحاولة فهم أسباب الاختلاف وتقصي دوافعهم في الفعل ما قد ينتج عنه فهم أكبر لهم من ذاق طعم هذه التجربة سيفهم ما أدعو إليه فعندما نمنح العالم حباً نمتلئ نحن بتلك الطاقة من الرضا والسعادة وتبدأ أرواحنا في التقاط ذبذبات الكون المترددة بطاقة حب أبدية لا تفنى ومن لم يذق تلك التجربة فليحاول لأن الأمور لن تسوء لديه عما هي عليه.
لمي معروف