العـــــدد 9355
الإثنـــــين 27 أيار 2019
يستلهم الأدباء التاريخ، ويقرؤون في صفحاته الأحداث والأخبار، والدروس والأمجاد. وقد استلهم الشاعر الكبير عمر أبو ريشة التاريخ وتتجلّى مظاهر استلهامه في صور عديدة وسنلقي إضاءة الآن على استلهام بعض الأحداث التاريخية والأمكنة الأثرية.
تغنّى أبو ريشة بعيد الجلاء من قصيدته الرائعة عروس المجد وقد صوّر الانتصار على المحتلّ الفرنسي وجلاءهُ عن أرض الوطن بعد نضال وتضحيات، وقد عبّر الشاعر عن اعتزازه بالانتماء إلى الوطن ودفاع أبنائه عن الحرية وعن الكرامة وتقديمهم الشهداء وجاء في القصيدة:
يا عروس المجد تيهي واسحبي في مغانينا ذيول الشهبِ
لا يموت الحق مهما لطمتْ عارضيه قبضة المغتصب
جاء في قصيدة بعد النكبة في 1948:
أمتي هل لك بين الأمم منبر للسيف أو للقلمِ
أتلقّاك وطرفي مطرق خجلاً من أمسك المنصرم
أما المكان فله من شعر أبي ريشة قصائد ونتوقف عند قصية بعنوان أوغاريت 1952 – وهي مؤلفة من ثلاثين بيتاً من مجزوء الكامل وهو يخاطب مدينة أوغاريت ذات التاريخ المجيد فهي مبدعة أول أبجدية جاء في القصيدة:
يا روعة الماضي البعيد المستسرّ المبهم
كيف انطلقت من السلاسل والعقال المحكم
أقبلت فالتفت الزمانُ تلفت المتوهم
والموت دونك واقف من ذلّة المستسلم
إن ما يربط الشاعر بهذه القصيدة روابط ذاتية تاريخية وقومية فإن مدينة أوغاريت من ميراث حضارة عظيمة في بلدنا، وهي امتداد حضاري متألق خالد إنه ماضي هذه الأرض المبدعة ويصور الشاعر إعجابه وافتخاره بأوغاريت ثم يتحدث عن مصير الأمة والوطن، ويحس القارئ بمشاعر الألم والحزن في القصيدة وها هو يخاطب أوغاريت ما تبصرين؟ تأّملي! ما تشعرين؟ تكلّمي
الربع ربعكِ، فا نحني عطفاً عليه وسلمي
لا تنكر يه إن تنكّر بعد طول تجهّم
لم يبق فيه من نبيك سوى الطيوف الحوم
ويختم الشاعر القصيدة
مالي أراك كئيبة النظرات لم تتبسمي
أنا من بقايا أمة هي والعلا من توءم
لا تسألي أين انتهت إن تسألي تتألمي
كثير قصيدة الشاعر أحزاناً وأمجاداً بالوقت نفسه.
عزيز نصار