وقال البحــــــر … إطلالة سريعة على الواقع العربي

العدد: 9354

الأحد-26-5-2019

 

 

 

ماضياً، كانت تتحول مذاهب الناس الدينية والسياسية بحسب أهواء الحاكم،
ربما هذه الحالة عامة، فالناس على دين ملوكهم كما يقولون..
ولكن هذه الظاهرة الفريدة في مضمونها السلبي ليست موجودة لدى شعوب أخرى سوى في عالمنا العربي المثقل بأوجاع النصوص والحكام، وهذا مؤشر على أن تلك الاهتزازات التي نعيشها اليوم ودائماً خلقتها حالة عدم الاستقرار الروحية والنفسية والاجتماعية التي هي في عرف ابن خلدون وليدة روح الرعي البدوي التي تسكننا،
وهذه مشكلة تتعلق بالجذور، وإن حاولنا تجاوز هذا البعد، ذاك الآخر المعادي (المستعمر) عبر العصور فهمها، واستثمرها..
حاضراً.. هذه المسألة تحتاج إلى نقاش طويل، ولكن لا أحد في عالمنا العربي مستعد للوقوف على الحياد والدخول في حوار تحليلي علمي في هذا الزمن المتفجر سياسياً وإعلامياً واجتماعياً واقتصادياً، وفي حروب دموية بدأت، ولا أحد يعلم متى يجف دمها أو يسكن بركانها، كل يأتي إلى طاولة الحوار وهو مبرمج مسبقاً، في ظل قراءات سلطوية وسياسية ومذهبية، حتى داعش والنصرة وكل التيارات الدينية السائدة اليوم هي ليست وليدة هذا الظرف المأساوي الذي تمر فيه الأمة، وإنما وليدة تاريخ طويل من التصارع غير الواعي، الذي يعود في جذوره إلى حالة الترحال الفكرية والسياسية والاجتماعية التي تتطابق مع الحالة البدوية.
لماذا تهيمن اليوم الأفكار الدينية الدموية على حركة الأحداث العربية؟
ليست الإجابة هنا بالأمر الهيّن لأننا لا نبحث عن جذور المشكلة الراهنة، ولا نضع حلولاً لمواجهة هذه المشكلة التي ستستمر طويلاً في الزمن العربي، إن لم نبحث عن الجذور، ونضع الحلول، والسؤال من هو المؤهل للقيام بهذا الدور؟
هنا تبرز مشكلة أخرى، لأن فكر الإقصاء لدى النخب السياسية والاجتماعية بكل ألوانها قائم ومستمر.
مثلاً . . في الأزمة السورية، عقدت جلسات حوار، وقامت حوارات بدت أشبه بالخطب الجاهزة: ثم أُسدل الستار على تلك الجلسات التي انتهت كما بدأت، فلم يتزحزح أحد ممن أظهروا أنفسهم يريدون الحوار قيد أنمله خارج المسطرة التي وضعت في رأسه..
الحديث في ذلك يطول.. ولكن علينا أن نفهم أن المساطر التي تسكن غالبية الرؤوس في العالم العربي هي مساطر صنعتها وحددت مقاساتها الماسونية والصهيونية ــــ التي حملها المستعمر ـــ التي أنتجت الوهابية والإخوانية وصنعت لها حكاماً، وقادة رأي سياسي ومذهبي وطائفي وقبلي وأطرت مساراتها لتصل الأمة إلى ماهي فيه اليوم.

سليم عبود

تصفح المزيد..
آخر الأخبار