الوحدة : 2-8-2023
الأسرة هي حجر الأساس في البناء الاجتماعي، والزواج قمة الإحساس بالآخر ومدرسة مفتوحة دوماً يجب التعلم من دروسها واكتشاف ما في أعماق الطرف الآخر، والحبّ هو الأساس في البناء الزوجي والأسري وعليه تتوقف متانته وسعادة الشريكين، وأي علاقة بين شخصين عاقلين لابد أن تتعارض آراؤهما في بعض الأمور ولابد من اللجوء إلى الحوار والنقاش والاتفاق.
الحياة الزوجية تبدأ بالمحبة والتفاهم، ومع مرور الوقت ورتابة الحياة وروتينية العلاقة الزوجية والأسرية تفتر الروابط ويتحول التماسك إلى تحلل ونزاع وخلاف وحياة ملؤها الغضب والجفاء والتغير والتبدل والتوتر، وهي لا تخلو من المشاكل والخلافات والمشاحنات في وجهات النظر للأمور وهي ليست سلبية أو شراً دائماً، ومن الطبيعي وجود الخلاف لكن من غير الطبيعي استمراره وانعكاسه سلباً على الطرفين والأولاد.
الطلاق النفسي وإغلاق الأبواب على الأحاسيس والمشاعر جرح غائر كلما ضغطت عليه ينزف ألماً، وإذا ترك بدون علاج يتورم ويتفاقم أكثر، وقد يؤدي إلى الانفصال بين الزوجين وتشتت الأسرة، إضافة إلى الكثير من المنغصات الحياتية كالفقر والبطالة والغلاء يأتي على رأس أسباب الطلاق النفسي العنف ضد المرأة وتلقي الإهانات الدائمة من قبل الشريك والنقد اللاذع المتواصل والأسلوب الفاقد للباقة في التعامل والتحقير الدائم وعدم مراعاة أحاسيس ومشاعر الشريك وعدم اختيار الكلمة الدافئة المناسبة داخل المنزل.
ذكاء الزوجين وتعقلهما يصل بحياتهما المشتركة إلى بر الأمان، والعلاقة الناجحة بين المرأة والرجل تعتمد بشكل عام على نضجهم ووعيهم، حتى أن الاتفاق التام والمطلق في الحياة الزوجية يعني ذوبان أحد الزوجين في الآخر، والمعارك الزوجية ظاهرة صحية للتقارب والتفاهم على الكثير من القضايا وليست سبباً لضمور العواطف وسباتها والوصول بالحياة الروحية والزوجية إلى الطريق المسدود، ويمكن للمرأة أن تتعامل مع زوجها بشكل مميز من خلال أن تكون ذكية لماحة تعرف ما يضايق شريكها وتتجنب فعله وتختار كلماتها بدقة عالية حسب الموقف تزيل همومه وتدخل السرور إلى قلبه.
الانسجام والتفاهم والتواصل والاحترام المتبادل بين الزوجين ينعكس إيجاباً على العلاقة بينهما وحرص الزوج على عدم الانتقاص من كيان زوجته كربة للبيت والأسرة والتقليل من شأنها وأفكارها وأن يشعرها أنها الإنسان الوحيد في حياته سيما وأن الكلمات بالنسبة للمرأة مثل الماء بالنسبة للوردة فإن جفت ذبلت الوردة وماتت، وإن دامت ظلت يانعة مشرقة يفوح عبيرها في الأجواء، وعلى الزوجة إيلاء احتراماً كبيراً لزوجها والحرص على عدم انتقاده والتقليل من شأنه ومكانته أمام الأبناء والجيران، حيث تفعل الكلمة الحلوة بين الزوجين فعل السحر وتضفي على حياتهما المشتركة البهجة والسعادة.
الحب الصادق والاقتراب من الطرف الآخر بالآراء والأحاديث واللهجة الودودة يبدد الكثير من الخلافات ويوصل الشريكين إلى زواج ناجح وتفاهم كبير… الحل هو الحوار والتصافي والنقاش بدون تعنت أو رفض وإلغاء الطرف الآخر وتغليب الصواب بالحسنى والتواصل ضمن دائرة الجدال الإيجابي وتقارب الأفكار والآراء وإيجاد عوامل مشتركة تجمع ولا تفرق للوصول إلى التفاهم التام ومعالجة أسباب نشوء الخلافات الزوجية والصراعات والمواقف التي تستفز الزوج من الزوجة، والزوجة من الزوج والابتعاد عن العادات الخاطئة التي تستفز الطرف الآخر، والتعلم من الخلافات لإزالة أسباب سوء التفاهم المؤدية إلى توليد المشاكل والخلافات بينهما.
نعمان إبراهيم حميشة