الوحدة: ٢٨-٧-٢٠٢٣
في معركتهم المستمرة مع الطبيعة منذ أيامٍ عدة.. وجهاً لوجه مع ألسنة النار ولهيبها.. وتحت أشعة الشمس الحارقة.. يواجهون سعير النار ودخانها الذي حجب عين الشمس.. رجال النار في الصفوف الأولى على جبهات النيران المستعرة.. نزار دوه جي أحد هؤلاء الفرسان الأشاوس، يعمل سائق بلدوزر في مشروع استصلاح الأراضي وتطوير التشجير المثمر في اللاذقية، اسم تداولته صفحات التواصل الاجتماعي في مقاطع فيديو عدة من اليوم الأول لعملية إخماد الحرائق وهو يناور ويباغت ألسنة الحرائق في مواقع مختلفة.. سولاس وخربة سولاس والنهر الأسود والعديسة وقرةجالي وجبل زغارو وغيرها.. تارةً يشق خطوط نار ليقطع الطريق ويمنع امتدادها في غير موقع.. وتارةً يقيم لها السواتر الترابية ليعزل مناطق الاشتباك مع الطبيعة عن المناطق الآمنة.. وتارةً أخرى تراه -حسب شهود عيان- يغامر نزولاً وصعوداً في أكثر التضاريس وعورةً وأشدها قسوةً وصعوبة..
حوالي ثمانية وأربعين ساعة عمل متواصلة دون توقف يُذكر، ودون كلل أو ملل، بهمّة وصبر وجلَد وعزيمة واندفاع.. حاولت النيران النيل منه أكثر من مرة فطوّقته وفرضت حصارها عليه، لكنه تغلّب عليها بشجاعته وسرعة تدبيره، معلناً انتصاره عليها في كافة المواقع التي تصدى لها فيها، واضعاً نصب عينيه ما يُمليه عليه واجبه الوظيفي والأخلاقي والإنساني في الحفاظ على هذا الإرث الطبيعي، ليبقى كنزاً ندّخره لأبنائنا وأحفادنا..
إنه أحد المرابضين على جبهات النار ومثله كثر.. لأمثالكم ترفع القبّعة إكراماً لعظيم بذلِكم وعطائكم، ونثمّن عالياً شجاعتكم وبسالتكم واستبسالكم في درء خطر النيران المتأججة، وإطفاء نار قلوبنا التي لا تقل حرارة عن نار أشجارنا.. آملين إخمادها في القريب السريع والعاجل، والسلامة لجميع العناصر المشاركين ومن كافة منظومات الإطفاء المستنفرين على أهبة الاستعداد وعلى كافة الجبهات، مع تقديرنا الكبير لجهودكم الجبارة والعظيمة، حماكم الله.
ريم جبيلي