الوحدة 10-7-2023
لا تستغربوا إذا شاهدتم رجلاً يجلس وسط رصيف، يلصق على ظهره ورقة كبيرة مكتوب عليها وبالخط العريض: معاق وبحاجة لمساعدة و و..
يجلس لساعات، طوال النهار، وحتى ساعات الليل الأولى دون أية كلمة، وسط مدينة طرطوس، حيث الازدحام الشديد، وعلى رصيف يستخدم للباعة وللمنتظرين للباص، أو سيارة خدمة .. عند دوار الساعة !!
صورة من الصور الكثيرة المختلفة المنتشرة حيث تمضي، لكن الهدف واحد.
والأهم أن أحداً لا يرى، أو يهتم، أو يأتي بحركة !!
وقد اعتاد المارة على هذه الصور، وباتت مثل فيلم هندي يخرج من أرشيف قديم !
نعم .. قد تكون نتاج سنوات الحرب التي مرت علينا، وبنا، لكننا ما نزال نعيش، وماتزال دوائر الدولة تمارس أعمالها وتنجزها بإتقان إلا الشؤون الاجتماعية التي كانت تعمل لرصد هذه الظواهر وخدمتها بالقضاء عليها، ومساعدة من يحتاج للمساعدة حقاً، ما أمكن لها ذلك.
وكذلك المواطن السوري ” الموظف ” تحديداً الذي يعتمد على راتبه الشهري، الذي لا يطلب المساعدة كمعاق أو كمتسول، ولا يريد مساعدة علنية .. وهو الأحوج إليها اليوم، إذ إن متوسط راتبه – المائة ألف – لا يكفيه ثمن إطعام أسرته ليومين فقط.
هذا الموظف قد يجلس على الرصيف بجوار ذاك المعاق .. فقد ضاع الأمن الغذائي كما ضاع الضمير.
صورة أخرى تدعو للعجب ..
صورة الموظف الذي يسكن بالإيجار، وبعد الارتفاع الجهنمي للأجور وقد باع أصحابها الضمير حيث ” أنا ومن بعدي الطوفان ” ..
سيسكن أيضاً فوق رصيف إذا لم تتحرك الجهات المعنية ..
فكل البيوت ارتفع آجارها، أما البلدية، وحيث يتم عقد الآجار نائمة، غافلة، هي لا تتدخل في شؤون الغير !!
إذ يدخل صاحب البيت الغني، والمستأجر الفقير ..
يكذب الغني، ويسكت الفقير ..
بينما موظف البلدية متفرج صامت يلبي الطلبات بروح رياضية.
تقبل أن يكون أجر شقة بالشهر عشرة آلاف ليرة، كثمن علبة محارم اليوم …
بينما هي في واقع الأمر خمسمائة ألف ليرة …
وهو يعرف، وفي قرارة نفسه الكذبة الكبيرة !!
وهكذا فإن صاحب الملك لا يدفع الضريبة التي تترتب عليه إذا ارتفع الإيجار، وأما المستأجر فيطلب الخلاص.
ماذا يفعل المواطن السوري؟
هل يهرب كما هرب معظم شبابنا إلى دول قريبة أو بعيدة حيث الذل والإهانة والعمل المضني ليعيشوا ؟!
مسألة تحتاج للحل السريع .. للصبر حدود، وقد ضاقت بنا الحدود، وغاصت الركب !!
سعاد سليمان