الوحدة : 23-5-2023
وحدها تلك المدينة تدرك جيداً مامعنى أن يباع كتاب بثمن زهيد على قارعة الرصيف في عز الظهيرة..
وحدها المقاعد الفارغة، والحدائق المسكونة بالضجر، وكؤوس الشاي التي بردت من الانتظار..تعرف مامعنى أن تكون غريباً دون جواز سفر أو حقيبة..
وحدها أحلامك التي خلعتها الواحد تلو الآخر..ووضعتها تحت وسادتك المحشوة بالدمع..تحكي الكثير مما يحس ولا يقال..وفي الصباح تودعهاعلى عجل، وتهبط درج المنزل بكامل أناقتك وابتسامتك..متجهاً إلى مكان عملك وكأن شيئاً لم يكن!!
كم مرة جلست فيها وحيداً..ترثي أنهارك الزرقاء التي رسمتها في مخيلتك..لتكتشف فيما بعد أنها ليست شلالات من الزرقة والضياء..وكم شعرت بمرارة الخيبة – كما حدث مع معظم سياح العالم – حين زاروا نهر الدانوب الأزرق الشهير واكتشفوا أنه قد تحول الى مكب للنفايات لاأكثر!!
وحدها تلك المدينة البحرية الوديعة تخبرك أنها لاتزال عاشقة للشعر ..لقصيدة نثر ..لوجوه دافئة..
لمقهى بحري لم يفقد عفويته..
لأسماء عصية على النسيان رغم رحيلها الموجع ..
لدفاتر مذكرات يكتبها الموج والزبد العتيق !!
منى كامل الأطرش