الوحدة 15-4-2023
لم تشن الحرب على سورية عسكرياً واقتصادياً وثقافياً فقط .. بل وتاريخياً عبر طمس تاريخها الحافل بالفكر والتراث والأصالة.
والأمثلة على ذلك كثيرة : ففي التقويم السوري تبدأ رأس السنة في الأول من نيسان وهو أقدم عيد في تاريخ البشرية، حيث يرتبط التقويم السوري بعشتار ربة الحياة والأم الأولى، نجمة الصباح والمساء، حيث تصفها النصوص القديمة بأن من أعطافها يعبق العطر والشذا ويكتمل بحضورها السرور، ويشيع من ابتسامتها الطمأنينة.
كانت الاحتفالات تعم في هذا اليوم، الذي يخصص لتقديم المسرحيات ورواية الأساطير .
حتى إن أسماء الشهور السورية ماتزال على حالها منذ القدم وهي متصلة بدورة الطبيعة، فآذار هو شهر الزهر، نيسان الربيع ، أيار النور، حزيران حصاد الحنطة، تموز فقدان الخصب عند وفاة حبيب عشتار، وأيلول شهر الولولة على تموز لزوال خصبه … إلخ
والاحتفال برأس السنة السورية ظل مستمراً في بلادنا لآلاف السنين، تحت اسم رأس السنة الميلادية.
وما يحز في النفس أننا لغفلتنا، جارينا خصومنا بالاستهزاء بتراثنا، فاعتمدنا الأول من نيسان عيداً للكذب، جاهلين أنه عيدنا.
إن تشويه تاريخ سورية الحضاري لم يتوقف عند تغيير تاريخ السنة الميلادية، بل بتغيير يوم عيد الحب السوري الواقع في ١١ نيسان، وهو أقدم احتفال بالحب في تاريخ البشرية، ١١ نيسان اليوم الذي نزلت فيه عشتار آلهة الحب إلى العالم السفلي لتنقذ حبيبها تموز من الموت، فكان زهر النرجس أو الأقحوان أو زهرة الربيع البيضاء التي تحبهم عشتار هي رمز الحب وليس الورد الأحمر، وكانوا هدية كل العشاق يتبادلونهم في هذا اليوم احتفالاً بالحب والسلام.
فنحن السوريين أول من ابتكر عيداً للعشاق واحتفل به، كان ذلك في سورية ما يقرب من ٥٠٠٠ عام قبل الميلاد، وكانوا يحتفلون به كتعبير عن العشق والحب المقدس وذكر قبل عيد الفالنتاين بمئات السنين.
وقصص كثيرة تبين محاولات الاغتيال الدائم لحضارتنا التي انتشرت في كافة أصقاع الدنيا، وآثارنا الثمينة المتواجدة في كافة متاحف العالم، وسيبقى التاريخ السوري مثالاً حياً عن التطور والإبداع منذ التكوين.
تيماء عزيز نصار