الحكومة والمواطن… حكاية عشق يقتلها الشكُّ

الوحدة: 11- 4- 2023

لا يَعرج الإنسان السويّ إلا إن كانت قدمه تؤلمه أو بها علّة ما، ولا يتحدث عن الجوع إلا من جرّبه، ويبقى (البردُ) ترفاً جميلاً لمن يجلس أمام (الشومينيه) ويراقب (البردانين) من خلف زجاج بيته المكيّف.

الحياة ليست حكاية ينتصر في نهايتها البطلُ، بل إنّها تكاد أن تكون مُسخّرة لـ (ضعضعة) كل من يحاول أن يصنع البطولة الحقيقية، أما من يقبل أن يكون في رحلتها مجرّد رقم فسيأكل ويشرب، مثله مثل أي عصفور دوري لا تستطيع كل (نواطير) الحقل أن تمنعه عن حبّة حنطة يقتات عليها يوماً كاملاً…

الراتب، حبّة حنطة المواطن، لا أحد يزاحمه عليه نظرياً، لكن في الواقع فإن ما يقبضه الموظف في اليد اليمنى يدفعه خلال لحظات في اليد اليسرى…

ربع الراتب تقريباً يحسمه معتمد رواتبك قبل أن يدفع به إلى حسابك في المصارف، لتقبضه وأنت بكامل الزهو أنّ لك حساباً في أحد البنوك المحلية، وهذا (كاس على كل الموظفين)، ليبكي أكثر من 50% منهم على 40% أخرى من الراتب لسداد أقساط قرض كنتَ مكرهاً في استجراره، أما الـ 35% المتبقية فبالكاد تكفي أجور نقل أو فواتير كهرباء ومياه وهاتف، وبالمحصلة، لن تأكل ولو كيلو بطاطا من الراتب الذي وُجد أساساً ليضمن لك حياة كريمة!

شكراً لله على نعمة الراتب، وهو كافٍ فعلاً شرط أن تعيدوا السوق إلى ما قبل 2020 على الأقل..

هذه واحدة، أما الثانية، وها نحن نعترف أن السادة الوزراء والمعنيين يفكرون من أجلنا، ويسهرون على راحتنا، ولكن ألا يحق لنا أن نناقشهم، من أجل أن يعرفوا ماذا يريحنا، فهم يعتقدون أن ما يفعلونه هو المريح لنا والحقيقة غير ذلك..

نختلف نحن والسادة المعنيين في نقطة جوهرية، وهي سبب ثلاثة أرباع مشاكلنا الحياتية، هم يتحدثون عن المتاح، ونقرّ لهم أنّ هذا المتاح قليلٌ، أما نحن فننتقد إدارتهم لهذا المتاح، وهذا الأمر يزعجهم، وعندما نتفق في هذه النقطة الجوهرية سنصبح أحباباً..

المسألة الثالثة، ملخصها أننا نريد حداً زمنياً لهذه المعاناة، وهم يصرون على الشرط (إذا) في معظم وعودهم، فيعدوننا بنصف ساعة كهرباء إضافية إذا توفّر الفيول، وبزيادة على الراتب إذا توفرت السيولة، و…

إن لم نمتلك الوقت، فسيكون من الصعب التعايش مع نبض عقاربه، وسنبقى غرباء على أنفسنا وعلى حياتنا..

نحن جاهزون للعودة إلى الإنتاج بكل صنوفه، ومستعدون لدعم الليرة السورية، ومستعدون للتقشّف بكلّ صنوفه، لكن بعد أن ينوّروا لنا مستقبلنا بوعد عمليّ مدروس، ومحدود المدة الزمنية، فاليابان التي خرجت من تحت ركام القنبلة الذرية ليست أقوى إرادةً منّا، فقط هم أسلموا مستقبلهم للعلم والتخطيط السليم، ونحن نكرّس بـ (الروتين) كل ما يعيق مثل هذه الانطلاقة.

الأعمال الخيرية في رمضان لا تبني حياة سعيدة، والجولات والمنابر لا تصنع اقتصاداً، والانتظار المرّ آنَ أن يعرف نهايته..

غانم محمد

تصفح المزيد..
آخر الأخبار