من واقع الألم.. قصص تجاوزت الخيال

الوحدة: ١٥-٢-٢٠٢٣
( حلوة هي الحياة ) (عيشوا يومكم بحب ) عبارات يكتبها الطفل إسماعيل 12 عاماً على الأوراق الملونة من منزله في الطابق الخامس لتطير مع أجنحة الريح أنشودة مثقلة بالحب ومثخنة بالأمل والحياة بإيقاع لا يمحوه زلزال ولا يضيع في ركام، وقد أوصاني أن آخذ معي السكاكر لأطفال مراكز الإيواء.. يمر اليوم عيد الحب بغصّة محب من فراق وقوافل رحيل وغياب وسرعان ما ينتفض القلب من وجعه بحب توقد جذوته وتنسل من الوجدان ليكون في صفوف المغيثين. فكل منا حسب استطاعته يمد يده لأخيه ولو كانت كلمة طيبة مع حبة سكر. فاليوم كلنا باقتدار ولو كانت الحال ضيقة والأبدان تشتكي منها الضعف والسقم فلا زالت اليد مبروكة ومحملة بالخير واللقمة تكفي لاثنين وإن كانت الدار لا تسع فإنها بالقلب الدافئ المعمور بالحب تتسع لكل محبيها وكل من يدوس بساطها.. عشنا الكثير من الصعوبات والمحن والأوجاع ولم نهدأ أو نستكن لنحمل جراحنا النازفة ونهرع لتفقد أهلنا والجيران وحتى السابع منهم والمئة وفي هذا اليوم الكئيب رغم الخوف وصاعق الزلزال الذي رجفت تحته الأبدان صغاراً وكباراً هبوا لنجدة إخوتهم من كربهم وبلسمة الجراح فالبرد يلسع الأجساد والقلب حزين والظلام استبد بالنفوس.
أبو فهد يسكن بيتاً بآجار يبلغ مئتي ألف بالشهر في قرية اسطامو.. وهو الخارج من الركام قال : أفقت بهلع شديد من فراشي الأرضي، وكان المطبخ الصغير بما فيه قد اتكأ على باب الغرفة ولم أصدق عينيي وكأني في خيال، فقلت إنه كابوس ولما سمعت الأصوات في الخارج وكأنها بوق إنذار أفقت من الصدمة وأسرعت برمي أولادي خارج البيت الذي سرعان ما تداعت أوتاده وأصبح أعلاه في أسفله بدقائق معدودات فقط مرت وكأنها ساعات، و لما خرجت أقسم أني رأيت 18 بناية قد هوت أمام عيني وهرعنا جميعاً نحاول الإنقاذ وكل ذلك يجري وكأنه شريط سينمائي .. لا تختفي قوافي حبنا ولا قوافل محبتنا لناسنا والحياة التي أطلت على شرفاتها.. أحزان وآلام ونبث النبض لقلب يرفض إلا أن ينبض فنحن خلقنا للحياة .. ليس على الجمعيات حرج ولا على الأفراد حرج ولا على الميسور أو حتى المتعثر الحال حرج فالمصاب واحد وتداعى له سائر الجسد بالمساعدة والإقدام، فالشباب هبوا لنجدة الأرواح البريئة من تحت الأنقاض، وهناك مطابخ الأمهات والجمعيات كما كانت في الحرب والأزمات وحتى أن النسوة في معظم قرى اللاذقية دعونّ لجمع التبرعات المالية والعينية والأدوية ورفعن قدور الطبخ على حطب مواقدهن ليكون من أنفاسهن مذاقاً طيباً يعمر في كيان الأهل والضعفاء ..الأفعال تنفع الناس ويبقى أثرها في الأرض وعلى صفحات التاريخ لنتذكر وتروى قصصهم التي تجاوزت الواقع والخيال.
هدى سلوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار