الإعمـــار عنوان عريــــض والمعطيات لا تفـــي به

العدد: 9337

23-4-2019

الإعمار عنوان يتمثل بمعانٍ عديدة منه الإعمار الفكري والاقتصادي والاجتماعي، ويأتي دوره أيضاً في إعادة الهياكل البيتونية، والبنى التحتية للمعامل والمصانع والجسور والطرق والسكك الحديدية وغيرها كجانب آخر.
أمّا ما هو قادم من تحديات أمام إعادة الإعمار فهو أمر يتطلب خططاً وبرامج وقرارات تفيد انطلاقة هذا المشروع بتكاتف جميع المعنيين لخلق رؤية موّحدة تساهم في تسريع حركة الإعمار.
ولكن من أين نبدأ وعلى أية قاعدة نعتمد، وكيف سنصل الهدف، هذا ما يجب التوقف عنده في موضوعنا هذا الذي سنخص به آراء شريحة من العامّة حول مفاهيم الإعمار وما خلفته الحرب، والمطالب التي تقف وراء هذا الجانب المفصلي في تحقيق نقلة نوعية والبداية تكون بما هو مطلوب العمل عليه، فالمتضرر الأول هو المواطن الذي فيه جزء من مقومات وبالمقابل له الدور الأساسي في إنجاح هذا المشروع فما هو الواقع، هذا ما سنورده من خلال آراء شرائح متعددة في المجتمع.
* بداية استطلعنا رأي من له التواصل مع شريحة واسعة من المجتمع وهم العمال، حيث قالت السيدة ليلى إسبر عضو مكتب تنفيذي في اتحاد عمال المحافظة: حال المواطن ليس بجيد، فهو يعيش حالة من التسارع مع الزمن لتأمين قوته بسبب الأحوال المعيشية وبانتظار الأفضل رغم عدم قدرته على التوقع.
وعن خصائص الإنسان السوري أوضحت إسبر إنه إنسان جبار كونه استطاع العيش في هذه الظروف والمتغيرات وما لاحظناه من دور إيجابي له في الصمود وإيجاد البدائل بدلاً من التوقف والانهيار، وعما يطلبه مواطننا أشارت إلى أنه يسعى إلى العدالة في الحصول على موارده وانتظار الفرج، وبرأيها فإن المواطن السوري الذي صمد وقاوم هو المعني الحقيقي بإعادة الإعمار بصدق، وغيره لا يمكن المساهمة ولابّد من ردم الهوة بينه وبين أصحاب القرار من خلال المصداقية والوضوح لإنجاح حركة الإعمار بكل مقاييسها.
* علي أبو ركب عضو مكتب تنفيذي في اتحاد العمال قال: إن خطط إعادة الإعمار تتطلب سنوات عديدة لتحقيق الغاية المرجوة منها، فنحن نعمل من أجل أجيال قادمة كما عملت الأجيال السابقة، وحال المواطن هذه الأيام تجعله ليس بقادر على التفكير إلا بتأمين مقومات حياته فالإنسان السوري الصبور والمعطاء قنوع بما لديه وبحث عن بدائل وحلول للتعايش مع الواقع الحالي رغم قلة الموارد وفرص العمل، وبالرغم من ذلك فهو متمسك بأرضه وقائدة ووطنه لغاية آخر قطرة من دمه، وكل ما يتمناه هو إنهاء هذه الحرب والعودة إلى سورية كما كانت.
وعن دور المواطن في إعادة الإعمار رأى أن له الدور الأساسي بشرط توفير المقومات الإيجابية التي تساهم في تعزيز ثقته بنفسه، وردم الهوة ما بينه وبين المسؤول أو صاحب القرار، فنحن في اتحاد العمال مثلاً نعمل كجهة مطلبية ورقابية على أداء مؤسساتنا بما يخص العمل والعمال، نحاول دائماً وضع الحكومة بصورة ما يريده عمالنا وما يتطلبه الوضع القائم، وبهذا نكون جهة تنقل هموم الفئة الأكبر من المواطنين، وإعطاء صورة حقيقية وواضحة ما بين المعنيين والمواطن وما يريده المجتمع ككل، ولردم الهوة ما بين أصحاب القرار والمواطن لابد من الصدق والجدية في التعاطي بكافة الملفات التي تهم المواطن، وخاصة ما تعنيه معيشياً لتحصينه من العوز والاستغلال من قبل الذين استغلوا الحرب.
* بلال حمد موظف قال: إن الحال معيشياً هذه الأيام ليس مريحاً في ظل الغلاء وارتفاع الأسعار وتحكم التجار بالمبيع وتوفير السلع، والمواطن يقضي معظم وقته في الانتظار لتأمين مستلزمات معيشته ومعيشة أسرته وسط إجراءات من المعنيين لا تتناسب مع الواقع، ونفسياً هو فخور بما تحقق من انتصارات على ساحات الوطن ضد الإرهاب وأعوانه وممارساته لكنه تمنى أن تكون مترافقة بما يخفف من صعوبة الحياة المعيشية، فالإنسان السوري لديه خصائص مهمة جداً وفريدة على مستوى المنطقة فهو صبور ولديه قوة وثبات وبطبعه محب لوطنه وعائلته، وكل ما يطلبه هو الحل الملائم لمشكلات أفرزتها الحرب ووضع الحلول المناسبة لتذليل العقبات وتأمين مستلزمات المعيشة، فخطط إعادة الإعمار لن تجدي نفعاً ما لم تقترن بواقع جيد إلى حد ما، فالمواطن العادي مشغول بتأمين لقمة عيشه وعيش أسرته وبالمقابل هناك من هو مشغول بمصالحه الشخصية لذا لابّد من ردم الهوة أولاً بين أصحاب القرار من المسؤولين والمعنيين والمواطن ليكون الإعمار بناءً أكثر.
* لين بسام حسنة طالبة جامعية رأت بأن حال المواطن سيء جداً، سلاحه الصبر والقناعة والأمل بالغد، فكلّ من مكانه وحبه لوطنه لعب دوراً كبيراً في هذه الحرب من خلال إيمانه بسورية أرضاً واحدة، ووعيه لحجم المؤامرة الكونية، إلا أنه يريد العيش بحياة اقتصادية جيدة نوعاً ما وبكرامته التي دافع عنها، ومهما جرى ويجري فإن له دوراً في إعادة الإعمار بنسب متفاوتة ولو كانت قليلة فيبقى له النصيب من المشاركة، ولردم الهوة ما بين المسؤول وبيننا كمواطنين لابّد من الصراحة والصدق واستطلاع الرأي.
* أمّا السيدة ريم موسى فهي زوجة شهيد وطالبة حقوق رأت أن حالها وحال المواطنين نفسياً ومعيشياً في مرحلة صعبة، فعلى الرغم من الصبر والتحمل فهي صفات وخصائص تميزه عبر التاريخ، بالإضافة للوعي الذي تمثل لدى أبناء الوطن الصادقين في هذه الحرب، إلّا أن جلّ ما يريده هو تناسب الدخل مع الوضع المعيشي، أمّا الدور الأكبر في إعادة الإعمار فهو في استثمار طاقات المتخصصين السوريين والتوظيف الأمثل للموارد وتوفير المستلزمات.
* علي زمار موظف قال: نعيش حالة نفسية أفضل هذه الأيام نتيجة الانتصار على المؤامرة الكونية التي فشلت ببطولات جيشنا وحكمة قيادتنا وصمود شعبنا إلا أن الوضع المعيشي يؤثر علينا كثيراً، قلة الموارد والظروف الاقتصادية الصعبة فرضت علينا تغييراً جذرياً في نمط المعيشة وأجبرتنا على السعي الدائم لتأمين مستلزمات الحياة ولو في حدودها الدنيا.وبرأيي أن الإنسان السوري صبور ومعطاء وقادر على تجاوز الأزمة، فكما كان له الأثر الكبير في تجاوز الحرب والدفاع عن وطنه سيستطيع تجاوز كل تبعات هذه الحرب، إلا أنه يريد أن تكون القرارات أكثر واقعية، فمثلاً التعليم يحمّل المواطن أعباء إضافية، فتغيير المناهج لا يتوافق مع الواقع القائم في عدد المدارس واستيعاب الشعب الصفية، وأهلية المدرسين للإعطاء في ظل عدم تأمين مستلزمات العملية التعليمية، بالإضافة لعدم توافق الدخل مع الوضع المعيشي والاضطرار للاستغناء عن حاجات أساسية ليتناسب الوارد مع المصروف نوعاً ما، وقد يكون للمواطن دور في إعادة الإعمار إذا استطاع تجاوز عقباته الاجتماعية والاقتصادية وأن الخطط الموضوعة تتناسب مع الواقع وليست بعيدة عنه فنحن من مواقعنا قد نكون فاعلين ولكننا بعيدين عن أصحاب القرار ولردم الهوة بيننا وبين المعنيين لابد من الحوار والشفافية قبل اتخاذ أي إجراء أو قرار واعتماد استطلاع الرأي وقاعدة البيانات.
* جان حنا تاجر: رأى أن الوضع النفسي مرتبط بالوضع المعيشي فما نعيشه من غلاء للمعيشة انعكس على الواقع الاجتماعي وبالتالي النفسي، فالمواطن انحصر همه في تأمين قوت يومه ولم يعد همه تأمين ما يلزمه لوقت طويل وما عاناه الإنسان السوري خلال هذه الأزمة وقدرته على التحمل والبحث في البدائل والحلول يثبت مدى شجاعته وصموده وقوته، والأهم إيمانه الصادق بوطنه والإصرار على الصمود والبقاء فيه وجلّ ما يريده توفير مقومات المعيشة ولو بحدود مبسطة.
وفي سؤال عن قناعته بدوره في إعادة الإعمار رأى بأن كل إنسان له دور في الإعمار سواء اقتصادي أم فكري وحتى اجتماعي وعندما يحافظ على أسرته ومحيطه يكون قد لعب دوراً في الإعمار فقد لا تكون الخطط المترافقة مع إعادة الإعمار متناسبة مع ما يريده المواطن إلا أننا نتمنى ردم الهوة مع المعنيين والمشاركة الفاعلة والحقيقية في البناء فلا مانع من طرح أي فكرة أو قرار قبل اتخاذه عبر مواقع التواصل ومن ثم استطلاع الرأي وتبيانه إن كان يناسب المواطن ويلحق الضرر به وفي حال يجب اتخاذ أي قرار فالشفافية في توضيحه تجعل المواطن في حالة ارتياح أكبر.
الإعمار مصطلح قليل بحروفه كبير بتحدياته والمعطيات الحالية قد لا تفي بهذا العنوان العريض فهو يتطلب خطة عمل موّسعة تستهدف المواطن السوري وتواكب البناء على كافة المستويات، فاللبنة الأساسية في إعادة الإعمار هي الإنسان والتشريح الدقيق للواقع يساهم في انطلاقة عجلة الإعمار والتي يحتاجها الفرد نفسياً وفكرياً قبل الحجر.

سهى درويش

تصفح المزيد..
آخر الأخبار