العـــــدد 9336
الأربعاء 17 نيسان 2019
اضطرته الظروف للنزوح والقدوم إلى الساحل، لم يكن الأمر سهلاً وقد دمرت الحرب مرسمه وسرقت تاريخه وهجرته بعيداً عن ياسمين دمشق التي زين ساحاتها ومدارسها بمنحوتاته ولوحاته، لتتكرر أمام عينيه مشاهد مؤلمة لطفولة بعيدة فقد فيها والده وهجر مدينته الأم حلب تاركاً فيها أحلامه الأولى . . .
ما بين حلب ودمشق واللاذقية فقد الفنان إسماعيل توتنجي أموراً واكتسب أخرى . . . .
حول ذلك وغيره التقيناه وكان الحوار الذي بدأه قائلاً: الحرب زادت من عزيمتي على الرغم من خسارة مرسمي وأصدقائي وتفكك أسرتي، زادت من إصراري ومثابرتي لإيصال رسالتي لنشر المحبة والتسامح، واكتسبت من تنقلي بين المحافظات التعرف على وجوه جديدة والاستفادة من الخبرات والمدارس الفنية ومن الفنانين الذين تعرفت إليهم، فقدت الكثير كحال غالبية أبناء هذا الوطن، مرسمي وجزءاً كبيراً من أعمالي ومخزوناً كبيراً من سنوات عمري إلا أنني صمدت وتمسكت أكثر بوطني الغالي الذي شربت من مائه ونشأت على ترابه، وامتزجت ألواني بجدرانه، وكانت ذكريات عمري فيه، دفن فيه أجدادي وأبي وأمي، فكيف أرحل وأتخلى عنه؟ الوطن يحتاج كل فرد منا، وفي كل المجالات لنعيد إعماره بالمحبة والفرح، وهذا ما أحاول فعله من خلال تقديم الأعمال التي ترسم البسمة والفرحة على الرغم من الدمار والخراب والألم، رسمنا البسمة وزرعنا الأمل وكنت واثقاً أن سورية لن تركع، لذا قدمت منحوتات ولوحات كثيرة تخلد تضحيات جيشنا وشعبنا الأبي بقيادة رئيسنا الحكيمة.
الصعوبات كثيرة لكوني لم أمتلك أي صداقات أو معرفة مع كثير من الفنانين في هذه المحافظة أو تلك فجاءت الصعوبة من هذا المنطلق، وحاولت جاهداً التعرف على فناني المحافظة رويداً، رويداً والانخراط بينهم بمحبة، والحقيقة يقع اللوم علينا جميعاً كفنانين مقصرين بحق أنفسنا، يفترض أن يكون ثمة تواصل مشترك بين فناني المحافظات كلها فنياً وفكرياً و . . . لنتعرف على خبرات وتجارب بعضنا عن قرب.
* ماهي المراحل التي يمكن أن نقسم إليها تجربتك الفنية، وماهي المرحلة الأبرز التي تعتبر أنها قدمتك كما تريد وتحب؟
** هناك تجارب عديدة مررت بها ومن الضروري لكل فنان أن يخوض تجارب متنوعة فذلك يعطي الأفكار والابتكارات ويجعله يطور نفسه، والحقيقة الفن بحر لا ينتهي مهما بلغنا من درجات التطور نبقى بحاجة للتقدم والمغامرة لتحقيق الأفضل، شعورنا بالوصول يقتل إبداعنا، لذلك لكل مرحلة من حياتي الفنية خصوصيتها وجمالها ومشاقها، وكل منها قدمتني بطريقة مميزة عن غيرها.
* تردد كثيراً أننا نعيش في زمن العجائب والنفاق والكذب، هل ثمة رسالة تود إيصالها بهذا الخصوص؟
** أصبحت هذه الأمور ممارسات وعادات يتداولها أصحابها للأسف كوسيلة للوصول، والطريق الأسهل لقلب أي إنسان إن كان على مستوى الحب أو العمل، وهؤلاء هم أصحاب النفوس الضعيفة فأنا أنظر للحياة بمنظار الطهارة ونظافة النفس، جميل أن يكون الصديق صادقاً والأجمل أن يعترف بالحقيقة دون خوف أو تردد، فيريح من كان الضباب يخيم عليه ويستطيع هو بالنهاية أن يستريح.
* والمرأة… أين هي المرأة في حياتك؟
** المرأة هي رمق الحياة، أنشودة العطاء، في المرأة جمال الكون، هي الملهمة لذا تكون حاضرة دوماً في حياة أي فنان، ولذا هي حاضرة في أعمالي دوماً وبقوة.
* شاركت في العديد من المعارض والملتقيات الجماعية، ما الذي يمكن أن تضيفه هكذا مشاركات لرصيدك؟
** طبعاً تضيف هذه المشاركات الكثير لرصيد أي فنان فهي نشاطات فعالة على الساحة الفنية تحفز على التنافس وتقديم الأفضل وتشكل فرصة جيدة لتبادل المعارف والخبرات بين الفنانين والمدارس المختلفة والتواصل الحقيقي مع جمهور الفن ومتابعيه.
* كما نعلم فأنت تدرّس طلاب معهد الفنون التشكيلية، كيف تصف هذه التجربة؟
** من الضروري أن نخلق جيلاً جديداً على الساحة الفنية طالما هناك مواهب تحتاج للدعم والأخذ بيدها، والحقيقة حضوري إلى اللاذقية مع الأزمة زادني عزيمة وإصراراً على العطاء الفني والاستمرار به على كافة الصعد كرسالة للعالم عن حبنا وتمسكنا بالأرض وتراب الأرض، والعمل سوياً على خلق جيل جديد، وعلى كل فنان أن يعطي خبرة سنواته لذاك الجيل الجديد، فسورية أم الحضارة والتاريخ والإبداع، والحقيقة أفخر عندما أحاط بطلابي وأنا أزرع فيهم خبرتي وأفرح عندما أرى ابتساماتهم ونتاجهم.
نور نديم عمران