العـــــدد 9335
الثلاثـــــاء 16 نيســـــان 2019
ها أنا أرتدي بُرْدَ الأحزان، جالساً في حضرة تذكُّركِ، وحافلاً في طقس الصمت . . همومي جوفاء تغفو على نهرٍ من وجعٍ، ووجهي مطموسٌ في التعب.
***
على عَجَلٍ لوَّنتْني أزهارُ الهمسات، فاستحمَّ بالدفء قلبي، واشتعلت الأنوارُ في قناديل الحلم.
وانتبهتْ عينُ الغروب، وضجَّت غنوةٌ في مِقْولي، وزعفرت وجْههَا هذي الصباحاتَ، ورجوتُ الوهاد أن تكفكف دمعها السريب، وأن تواري سُعالها تلك الهضاب.
***
عمرٌ من الخيبات تحت جلدي، فعافتني الليالي، وألبستني عريها، وأرسلتْ مزاميرها تدندن في رمالٍ ضيّعت دروبها، فتساءلتُ: كم من الخيبات عليها أن ترجّ أضلعي، وتلقيني على جزر السهاد؟
***
طريقي مجروحٌ، ويدي تجسُّ عروقي، وبي حزنٌ يشبه النخيل، فهل تشتعل الدروبُ وشيكاً وتغادرني عتْمتي، ويرتحل عن خاصرتي ليلٌ أطال الاتكاء؟
***
أطْلقتِ الطرقاتُ خطواتها، فتوجّعتْ نفسي، وانفطر وقت الغيم في أوردة النهارات، فتساءلتُ: في أيَّ درب تلهث هذي الريحُ؟ وهل سيمرُّ البدر قرْبَ يباس البحر على بعد خفقتين؟
وأراني أسقط في ازرقاق الموج، وقد أخذت سحب من دخان المراكب وتزفر رحيلها فرحتُ أصغي إلى صرير مواجعي وأبثُّ المدى من حولي نوْحَ الصدى، وأرجف كالهدير . . .
***
تطاولتِ المسافاتُ، وأنا مملوءٌ بأفكار مهسهسةٍ، فترعش الحياةُ في روحي، وأراني أولدُ في غبش الصحو . .
***
قافلةٌ من السنواتِ رحلتْ، فشقيًّ أيتها الخلايا لغة النبض وأذني للغيم أن يسقي نهر المواويل، وامْهِلي تعبي الناهضَ من غربة الموتِ، والعابر لطقس الغبار في صمت المدى الموحش، والزحف كخنفساءٍ متثاقلةٍ، فلقد بدتِ الأرضُ غربيةٌ، ونسيتِ الأهداب أحداقها فامتلأت بالرماد.
***
قمرٌ أندلسيٌ يذرذر كلماته على شرفتي، يوشوشني ويجعل أشواقي ساهرةَ الأجفان، حتى إذا ما هلّت تباشير الصباح مضى في تسكعه مجرجراً ضوءه الآخذ بالذوبان.
سيف الدين راعي