الوحدة: 16-11-2022
المبدعة سماهر محمود استطاعت أن تخوض في رحاب الإبداع، من خلال القصيدة واللوحة، فهي شاعرة وفنانة تشكيلية، شاركت في العديد من النشاطات الأدبية والمعارض الفنية، فلنتابعها وهي تروي لنا تجربتها، إذ تستهل حديثها بعلاقتها بالحجارة وكيفية تعاملها معها، بالقول :
أرسمُ لوحتي من حجارة، أرسمُ الحياة من جماد، أفرش حجارتي وأسطر بها أجمل القصص، أسرح على شاطئ البحر، أتمايل مع الموسيقا، أرقص مع الحجارة وألتقطها بصبر، أنا هنا مع الأبجدية الثانية التي انطلقت من أوغاريت أبجدية الحجارة.
تأثرتُ بفن الحجارة إلى درجة الهوس، وكنتُ التلميذة الأولى لزوجي الفنان نزار بدر، لا أستطيع أن أنظر إلى الحجارة وأربط يدي، فالحجارة تناديني، أتحدث معها قبل تشكيل أي عمل، فالفن هو أمر نقوم به، إنه فعل وتعبير عن أفكارنا ومشاعرنا عن الحدث والرغبة، هو امتداد لشخصيتنا.
وعن خوضها في مجال الكلمة تقول :
أما الشعر فإنه وُلد بالفطرة، ومن الطبيعي أن يكون هناك دوافع عديدة للكتابة، أنا إنسانة عاطفية جداً أتأثر بما حولي فأعصابي لا تحتمل مشهداً غير إنساني، في مرحلة الإعدادية عشقتُ اللغة العربية، فكتبتُ الخاطرة في البداية، وكان لدي هاجس الكتابة، وأنا أرى أن كتابة القصيدة من أصعب الحالات النفسية حال الشروع في كتابتها، وعندما يحضر الهاجس الشعري تتم ترجمة مشاعري لتصل للمتلقي بكل ما يحتويه النص من مشاعر صادقة، فكلما اتسع المخزون الثقافي اتسعت الفكرة المراد التعبير عنها.
ثم تضيف قائلة : في سن المراهقة كتبتُ الخواطر، سمحت لي بالهرب كباقي النساء إلى الاختلاء ببوحي، كنتُ أتنفس من خلال الأوراق، وبعد فترة قادني القدر إلى بيت وأولاد فاستهلكتُ وقتي بينهم، ومنذ عشر سنوات قررتُ أن أكتب مجدداً وأعيد كتاباتي، كنتُ أشعر بالنشوة والغبطة حين لقيت أحرفي آذاناً صاغية من شعراء وكتّاب وبعض العاشقين، نلتُ منهم التشجيع والثناء، ولن أترك الكتابة فهي تخرج من عمقي، أدوّن فكر المرأة، لذلك كان لقبي أميرة الحب حيث دخلتُ إلى عالم المرأة بكل جرأة، وأبحرتُ بين ثناياها.
وعن تضافر الفن والكتابة، تتابع : الفن والكتابة يكملان بعضهما بعضاً، الفن بحاجة إلى وسيط فلا بد من وسيلة تحمل نوايا هذا الفن، لتوصل محتوى القطعة الفنية بأسلوب آخر وهو الشعر، مهمة الشاعر لا تختلف عن مهمة الفنان، الاختلاف فقط بين الإلهام الشعري الذي هو وليد اللحظة، والعمل الفني الذي هو نتاج أيام وشهور.
وعن تأثرها بزوجها الفنان نزار بدر، تقول : الفنان الذي يملك الحس الشعري يحلّق في عمله الفني، الفنان نزار هو أستاذي، هو الجبل المارق من عبق الماضي، هو الجبل الصارخ، هو الرعد إن سقط على الأرض اهتزت حجارة تحرّك المشاعر، وتُدمِع عيون الناظرين، تأثرتُ به، أخذتُ منه الإصرار والتحدي، في البداية شجعني، لكنه أرادني نسخة عنه، فأنا لا أحب أن أكون نسخة عن أحد، فالأرواح لا تتشابه، أنا أنثى، والأنثى تختلف عن الرجل، أضفتُ إلى الحجارة الرمل والحصى الناعم، مما جعل الفنان نزار يسخر مني في البداية، وأنا كنتُ مصرّة جداً على بلوغ هدفي في إضافة الرمل والحصى لأظهِر المرأة بكامل تفاصيلها، المزج يساعد على تكوين اللوحة، ودائماً كنا في صراع مستمر حول تلك الإضافات، أخذ البعض يقلدني، لكنه لن يصل إلى إبداعي، فهذا الفن يحتاج إلى الكثير والكثير من الحب والمشاعر الصادقة.
د. رفيف هلال