الوحدة 10-11-2022
حملتني بعض الواجبات العائلية إلى قريتي الجميلة المطلة على بحيرة 16 تشرين الساحرة.
كان صباحاً خريفياً لطيفاً، وما زاد جمال المشهد رؤية سكان القرية منتشرين بين أشجار الزيتون بكل نشاط، هذه الأشجار التي تحتل جلّ أراضي القرية، و بطبيعة الحال أراضي القرى المجاورة.
علاقةٌ حميمةٌ تجمع الناس مع شجرة الزيتون تتجلى في طقوس مستديمة، متوارثة في موسم جني المحصول، تضفي عليه جمالية تخفف عنهم عناء يوم عمل شاق و طويل.
لمحت في وجوههم رغبة في الحياة و بعضاً من أمل و سعادة.
الخير و البركةيقترنان بهذه الشجرة المباركة وراء هذه الملامح المريحة في تلك الوجوه.
اختلف كل شيء تقريباً ما بين الأمس القريب نسبياً و اليوم. بدأ زيت الزيتون، هذا المكون الأساسي في المطبخ السوري ينحسر شيئاً فشيئاً عن موائد السوريين بفعل الوضع الاقتصادي الحرج في عموم البلاد، في ظل غياب كبير للبدائل من الزيوت النباتية بنوعياتها السيئة في الغالب، بسبب ارتفاع أسعارها دائماً، و قلة كمياتها المطروحة في السوق أحياناً.
الأمر الذي اضطر أغلب الناس إلى العمل في جني محصول الزيتون لكسب ما يتيسر لهم من الزيتون و الزيت مؤونة للأيام القاسية القادمة.
حكاية أخرى من حكايا ضيق الحال عند السوريين تعكس لنا بكثير من الوجع الجهد المضاعف الذي يبذله هذا الإنسان السوري العريق في قدرته الاستثنائية على التكيف مع الأزمات و التغلب عليها مدفوعاً برغبة عظيمة نحو الحياة و تجاوز عقابيلها بكثير من الأمل و الثقة بأن القادم أجمل و أبهى.
هوذا السوري جميل في كل الحالات، في الألم و الضيق كما في الفرح و السعة.
موسم زيتون وافر يحمل كل الخير هذا العام، نرجوه عامَ فرج و رحمة على هذا الشعب الأبي بكل تفاصيل حياته و تفاعله الراقي و الإنساني مع الحياة.
نور محمّد حاتم