الوحدة: 2-11-2022
حزمتُ كلّ عشقي للمطر، جهّزت مدفأة الذاكرة، وجلستُ خلف نافذةٍ أرقب شتاء يتدلّل في قدومه.. بقايا سُحب تمرّ فوق ضيعتنا، نومئ لها أنّ هنا المرسى، وبالكاد تردّ التحيّة، ماضية إلى (مستقر لها)! في (نملية) أمّي بعض التين اليابس (الهبّول)، وفي ذكرياتها كلّ الدفء الحبيب، وفي عيني حبيبتي برقٌ (أنجز البارق منه ما وعد)، وخلف الروح، نعم..
هناك خلف الروح حكاية وجع أقرأ تفاصيلها في عيون أولادي الذين نسوا طعم الفرح، ولم تعد ذكرياتنا عن تلك الأيام الحلوة تصيب فيهم مسمعاً، فالواقع أقسى من أن يُمحى بحكاية! لم يصدّقوا أن زيادة سعر (بيدون المازوت) من 125 ليرة إلى 150 ليرة كاد أن يطيح بحكومة أواخر القرن الماضي أو مطلع هذا القرن، لم أعد أذكر، فالمسافة بمثل هذه التفاصيل شاسعة جداً، لأنهم أسقطوا من حساباتهم هذه الـ (فراطة)..لا يهمّ، اليوم هو الأهمّ، وعمليات توزيع مازوت التدفئة شغّالة في كلّ مكان، ويتزامن توزيع المازوت بنوعيه المدعوم والحرّ وفق الإمكانيات والكميات المتاحة، ووفق أولويات تحدد المنطقة وارتفاعها عن سطح البحر وغير ذلك، والكميات الموزعة حسب التصريحات الرسمية جيدة حتى الآن، لكن نأمل، وهو رجاء حملناه ممن حولنا، ألا يتأخروا في استكمال توزيع الدفعة الأولى، وأن تتسع مساحة المازوت الحرّ لتعويض قلة كمية المدعوم والتي لا تكفي لأكثر من بضعة أيام في القرى الباردة.. الشتاء حبيبنا، وسيبقى كذلك، لكن ومن الحبّ ما قتل، فالبرد فيه إن لم نمتلك أسلحة مجابهته سيجعلنا نرفض حبّه، ونتباكى على الصيف الذي رجمناه. الوفر الذي تحقق، والذي سيتحقق، من خلال أجهزة المراقبة على وسائط النقل العامة ننتظر أن يتدفق في خزانات بيوتنا، بشكل توافقي بيننا وبين الحكومة، بحيث هي تستفيد من عائداته، ونحن ننعم بأيام دفء زيادة.
غانم محمد