العدد: 9328
الأحــــــد 7 نيســـان 2019
قد تموت الأزهار على ضفاف النهر، وقد ترسم شجرة الصفصاف أغصانها خيمة على ضفاف المجرى، ويصير الماء بلون الغيم الأسود، لكن . . ستزهر أحلامنا من جديد، وتشرق الشمس مرة أخرى، وتمشي في عروق الحياة ابتسامة زهرة النرجس، ويلملم قاسيون ضياءات التاريخ..
اكتب يا قاسيون . . دمشق كانت وستظل التاريخ، وستظل حكاية الرجال الشجعان، وأن الفجر في دمشق مهما عربدت العتمة نهاية الليل..
****
دعونا نتحدث عن العلاقة بين العشق والوطن، هي حكاية لا يعرفها إلا الأتقياء
الذين يسطرون بأيد قوية وبقلوب ثابتة في مروج الوطن حكاية عشقهم، في دفاتر الحرب ألف ألف حكاية عشق، حكايات لم تكتب على محارم مطرزة، ولا على ورق وردي، ولم تحفر على مقاعد الانتظار، لحكايات دفاتر الحرب، نبض آخر كتبها عشاق الوطن بدمائهم في صمت، وهم يتحدون الموت والخوف، لم تكن أصابعهم مرتعشة، ولم تكن قلوبهم مرتعشة، ولم تزغ نظراتهم، كتبوا بشجاعة انتصار وطن.
****
كل يوم يمر على الوطن في ظلال تلك الحرب الحاقدة، تكتب صفحات جديدة،
وحكايات جديدة، وتزهر شقائق النعمان في المروج، وتزغرد صبية فقدت حبيبها، هل رأيتم صبايا بلادنا يزغردن وهن يمشين خلف جثامين أحبائهن، هو المشهد الأصعب الذي يرسمه المشهد السوري، وهو المشهد الأكثر تعبيراً عن حالة العشق السورية للوطن..
صبايا الوطن يزغردن وهن يمشين في مواكب استشهاد من أحببن.
الوطن في محنته.. استنهض عاشقيه، غادر العشاق أحلامهم الصغيرة إلى أحلامهم الكبيرة.
****
ينام خد تلك الصبية ذات الجدائل الخرنوبية اللون على نعش حبيبها، تتأمل بقايا الحلم، تحتضن حكاية عشقها وحبها وأحلامها وأمنيات عمرها، (آخ يا وطن)
تتأمل بصمت وجوه الجميع، كل شيء من حولها حزين من أجلها، تخبئ في داخلها حكاياتها وأحلامها وهمسها، وتحتفظ بكل ما كان بينها وبين حبيبها من أحلام وهمس، وتتأمل الأفق البعيد، حيث تنهض شجرة السنديان على كتف الهضبة العالية كعلم.
ليس من السهل أن تخبئ صبية همس من أحبت على جدار الروح، (ولكنه الوطن الذي كنا نعشقه معاً).
سليم عبود