الوحدة 6-8-2022
في ظل الظروف المعيشية القاسية التي تلقي بتبعاتها وآثارها على كافة مناحي حياتنا، فإن المتأمل في دورتها وتقلباتها يمكنه وبكل سهولة رؤية جملة من المتناقضات والتضادات الواضحة.. بينما ترزح شريحة واسعة تحت وطأة ضغوط الحياة وتأمين أبسط متطلباتها، تنعم فئة أخرى بوافر من الأساسيات و الكماليات الحياتية.. وهذا التناقض نراه على مختلف الشاشات، سواء منها الإعلامية أو الافتراضية، والأهم على شاشة الواقع أمامنا بكل وضوح.
وتبقى الحيرة تلازمنا إزاء هذه المشاهد… إذ كيف يمكننا أن نُعلّم الملياردير (جيف بيزوس)، صاحب شركة أمازون الشهيرة، وندلّهُ على كيفية صرف ماله، وهو الذي صرّح مؤخراً بالحرف: ( أعرف كيف أجمع المال، ولكني، للأسف، لا أعرف كيف أصرفه؟؟)، وطبعاً هنا المثال عن هذه الطبقة الواسعة الثراء عالمياً، نراها على أرض واقعنا على هيئات متنوعة من الأملاك والمقتنيات التي لسنا حالياً، بصدد معرفة مصادرها أو محاسبة مالكيها…
فمؤخراً، تابعنا آراء لبعض خبراء الاقتصاد عندنا، تؤكد أنّ (اقتصاد الظل) – الذي يتجاوز اقتصاد الدولة، بالحركة، والمقدرة ، والزيبقة – يحرم، بفهلويته، خزينة الدولة ألوف المليارات من الليرات!!!!
والسؤال ترى ماذا لو تحركت الحكومة وسعت لإدخال هذا الاقتصاد العملاق، الذي يلعب على المكشوف، لكن في الظل.
ماذا لو نقلته، وبالتراضي، إلى حيث النور، وبمعادلة واقعية (الكل رابح). حينها ربما تفرج، ولو قليلاً على المواطن الذي ضاع بين ظل الفقر، وعتمة الحاجة؟؟
و هل تبادر الحكومة وتتصدّى لعملية استيراد أهم المواد الاستهلاكية والغذائية الضرورية جداً، وأن تحصر هذه المهمة بها، بعيداً عن كبار، وعمالقة التجارة والمستوردين؟
كثيرة هي المفارقات التي نصادفها، لكن ما يهمنا منها هو كيفية تطويعها بالحد الأدنى لتناسب ظروفنا ومتطلباتنا.. فقد سمعنا أن هناك، في دول أخرى، وزارات، بمسميات، مثل وزارة السعادة و…. لكن، هل سمعتم بوزارة اسمها وزارة (حرق الأعصاب)؟؟
وثمة سؤال آخر يبحث عن جواب : تُرى من هؤلاء الذين يصطافون في (قبلة القطر سياحياً وبحرياً وجبلياً)، وعندهم الإمكانيات كي يستأجروا، في البحر، أو في مصايف الجبل، وبمئات ألوف الليرات بالليلة الواحدة ولأيام عديدة، ودون أن ترفّ لهم عينٌ أو محفظة؟
مفارقات معيشية قاتمة اللون تخيم على حياتنا كمواطنين.. لكن الحلول تتطلب إجراءات سريعة وحاسمة، وجلّ ما نأمله ألا تطول المدة وتنعدم الوسيلة لاتخاذ هكذا إجراءات على أرض الواقع.
رنا رئيف عمران