الوحدة: 18-7-2022
– كانا يمشيان متشابكي الأيدي، حين أوقفته قالت: قصّ عليّ حكاية الجوري المعرّش على شباكك.. نظر إليها – سافرت عيناه في وجنتها. وتدحرجت دمعتان.
مدّ يده، طوّق خصرها وبتنهيدة قال: كم رجوتك نسيان هذا الأمر؟!
قالت: وكم رجوتك الإجابة؟!
تلجلج الكلام في صدره حاول أن يفصح، لكن؟
تابعا سيرهما والدرب يتبعهما حيث سارا.
جلسا تحت شجرة ندية قال لها: تأملّي ما حولك وقولي: أي شيء ارتاحت لرؤيته عيناك؟ قالت: هما عيناك لا أرى إلا بهما.
افترّ ثغره عن ابتسامة قصيرة وشوشها: كم أحبك؟
أحست أن قلبها صار طيراً محلقاً في المدى الأبعد من الرؤية مسافراً في ارتعاشات الورود والندى حاملاً شوق الشموس، قالت: أتسمع زغاريد الثرى؟ أم أراني في حلم لا يفيق قال لها: لطالما كان عمري بيدر أحزان يلبس غيمة داكنة ولكم مرّ غيم القهر بأيامي، عمري أيتها الغالية أكوام من غبار الأسى تجرعتها على مدار سبعين سنةً ونيّف.
لكم حاولت الإبحار في رمال دروبي، أبغي شاطئاً ما وطئه قدم من قبل لكن صحراء المحيط أرجعيني إلى حيث حبهم القفار. أذوب بين تلال رمالها كنبتة صبار.
– بموسم الأيام يكسو جسدي وأنا الدائر في اللامكان، وفي كل الأزمنة أبحت عن درب أتلمس مشاعبه من سفر تطاول في أذاه ولا ثمة فرحاً يلوح في المدى.
قالت: وماذا عني؟ ألست المرفأ المبتغى؟
وتطايرت خصلتان من شعرها داعبتا خديه وعينيه ورسمت على محياه وردةً جورية أحجبت عواطفه فقال: أنت سنديانة صبري نسغ البشائر في دمي صوتي في اختناقات حنجرتي أنت وعد بيادري، فاتركيني طوافاً في مقلتيك ولا تعودي: كم أحبك؟
نهضا معاً تهدّج حزن عابر في عيونهما يرسم صورةً لوردة جورية معرشة على جدران عمريهما.
سيف الدين راعي