أولاد الحياة في البحر يغتسلون …

الوحدة:17-7-2022

يقولون: ( البحر أبو الغلابة يا شباب)، ويؤكد على ذلك الشاب عقبة الذي أتى من قرية بعيدة منذ ١٠ سنوات إلى شاطئ وادي قنديل يحمل في عقله وقلبه حلماً يتأرجح بقارب نجاة، حيث قال : لطالما قلت في نفسي أن رزقي في البحر ولو في أعماقه، وبين طيات أمواجه، فيوم مدّ ويوم جذر, في أيام العيد كانت عجقة ناس وكانت الحركة جيدة والشغل كبيراً، وكان لنابعض العيش الكريم مثل أيام العطل الجمعة والسبت،لكن باقي الأيام الشغل قليل ولا يأتي بالمصاريف, فهنا المكان شعبي،ويمكن للناس أن تأتي بالطاولة والكراسي ، وتجلس على الشاطئ دون أي تكلفة،ومنهم من يقصدنا ليأخذ طاولة وكراسي ببضعة آلاف قليلة لا تتجاوز عدد أصابع اليد، ويحمل في أكياسه الطعام والمشروبات وحتى حاجته من  الماء، وبينهم القليل يطلب منا الشواء والمشروبات الغازية والروحية والأراكيل على شاطئ وادي قنديل, ليأتي لنا هذا الشغل ببعض العيش حيث يسمح لنا أن نضيف ١٠%على الفاتورة والحساب, أستأجر ١٠٠متر من المساحة الرملية التي زرعتها يالمظلات والنخيل وطاولات وأكثر من ٢٥٠ كرسياً, في العيد كانت جميعها مشغولة بعائلات وشبان و(كروبات) من اللاذقية،وباقي محافظات القطر وحتى من خارج سورية العراق ولبنان والحمد لله مستورة ونرضى ولو بالقليل, ليس لنا أن نقيم الحفلات فالمساحة صغيرة ولا تتسع لهذه المناسبات،ولنكون سعيدين ونسعد من حولنا نعلي الصوت بالأغاني والطرب من الفلاشات فليس بمقدورنا زيادة التكاليف بمجموعة دي جي،ويكون الجميع منا سعيداً.

الطفلة قمر١١سنة،  تنشد لأبيها ترجو منه ذهابهم للبحر وتقول والضحك يملؤهم فرحاً : “عيونك لون البحر ووجهك متل الرمل وشعرك موج البحر وأسنانك لؤلؤ”.

جميع الطاولات مشغولة على شاطئ وادي قنديل، وحتى البحر مشغول بناسه الذين ارتموا بأحضانه ليروي عطشهم من جماله ومتعته،حتى الكبار وضعوا بأيديهم،وتاهوا في مهب أمواج البحر التي ارتفعت اليوم، وهناك أطفال صغار يتحضرون ليغطسوا في شبر ماء ليتعلموا من البحر أبجديته الأولى وموسيقاه على المزاج،ولا يخلو شاطئ البحر من  أطفال يعبثون بالرمال ويغرفون منها لتحميلها في مراكب وشاحنات ليقيمون القلاع, والتي سرعان ما تأتيها موجة تأخذها في طريقها،ولكن ليس منه يأس ويعيد البناء مرة أخرى.

على وقع ضربات الطبل وصوت الموسيقى وأغاني هذه الأيام ،هبّ الشبان والشابات إلى ساحة الرقص لتتوسع بهم وتزيد ،والكل فرحان وسعيد ولو انقطعت الكهرباء كل حين. فالقمر (سهران) معهم  والذي توسط كبد السماء يضفي عليهم من جماله، ويخيم الأضواء بعد أن ارتحلت عنهم شمس النهار بخجل ،وخيوطها ما زالت تمسك بأطراف البحر ترفض الاستعجال بالرحيل، بينما أولاد الحياة ما زالوا في البحر يغتسلون …

هدى سلوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار