أنانية ” الحساد “

الوحدة:17-7-2022

كلّما تراكمت تجارب الحياة،اكتشف الإنسان مزيداً من الخفايا والأسرار حول مجمل مايحيط به.ولعل أهمها اكتشاف أنواع البشر المتلونين كتلون الحرباء، الذين لا يضيرهم أن ينتقلوا بين عشية وضحاها من جانب إلى آخر يناقضه في الفكر والسلوك من أجل الحصول على مكاسبهم، وتحقيق مصالحهم الصغيرة أو الكبيرة ومن أخطر تلك الأنواع من الناس ( الحساد ) ،إذ تكون اللقمة في أفواههم وعندما يرونها ذاتها في فمك تبرق عيونهم بالغيرة،واللوم ويتمنون في سرهم لو تختنق بها،كونهم لم يحصلوا عليها قبلك فهم أحق باللقمتين معاً حتى لو كنت أنت على شفا الموت جوعاً.

وقد تكاثر الحساد في هذا الزمان بعد أن تنوعت الأدوات التي يستطيعون استخدامها للتخفي والاختباء وراءها ، ما مكنهم من تطوير أساليب التدليس والتظاهر بالوداعة والسماحة والطيبة والتسامح إلخ ، في حين أن في دواخلهم براكين من الحقد والأنانية والشر والكراهية. وتتنامى الكراهية الخفية عند الشخص الحسود إلى درجة حقده على كل إنسان يحقق نحاحاً ما،ولو كان يعمل في مهنة بعيدة عن مهنته ولايشكل منافساً محتملاً له،فهو يريد كل شيء لنفسه ،ويتمنى أن يعمل الجميع لمصلحته هو وحده. فمصلحة الآخرين لا وجود لها بالنسبة إليه،بل ليس من حقهم السعي من أجل التطور والتقدم وغالباً ما يعمل على إفشال تلك المساعي عبر الدسائس الرخيصة التي تلبس أشكالاً من البراءة أو ( إيذاء الرأي أحياناً ) ، وزخرت كتب التاريخ بالحديث عن تلك النماذج ومنها على سبيل المثال ( شبيب بن شيبة ) الذي يقول :

( إذا رأيت الشر قد أقبل إليك فتطامن له حتى يتخطاك ..ولا تهجه ولا تبحث عنه ، فإن أبى إلا أن يبرك عليك فكن من الأرض ناراً ساطعة تتلظى).

إذاً فهناك العديد من القصص والأمثال حول ( الحساد ) ومساوئهم حتى أن معظمها فضلت العداوة على الحسد لأن عدوك ظاهر جلي تعرف كيف تستعد لمواجهته،أما الحسود  فخفي مستتر يدبر لك المكائد والمؤامرات وهو يقدم نفسه لك صديقاً محباً وفياً،فلنتق الحسد والحساد،فهم أدنى الناس مرتبة وأخطرهم على العلاقات الاجتماعية بأبعادها المختلفة.

لمي معروف

تصفح المزيد..
آخر الأخبار