الوحدة :8-7-2022
يقول الماغوط: الفرح ليس مهنتي، وأعتقد أن كلام الماغوط ينسحب على حال معظم السوريين، فما بالكم بأصحاب العيال الذين يواجهون العيد ولا مناص لهم من زرع الفرح في بيوتهم لينبت بابتسامات وضحكات على وجوه الصغار. أما السبيل إلى زراعة الفرح فتتم عبر زيارات متتالية إلى السوق لشراء احتياجات العيد وثياب العيد، ومن غير ذلك فلا فرح ولا ابتسامات يمكن أن ترتسم على الوجوه وفي العيون. العيد على الأبواب والأسواق نشيطة تستنزف جيوب العباد حتى آخر قرش مجموع بالحلال وليس بأسباب الفساد. العيد على الأبواب ولا مناص من الشراء أياً كانت الحالة. مادتنا تلك هي استطلاع ميداني ليس من واقع الأسواق التي يعرف القاصي والدّاني أنها ملتهبة دائماً وإنما من واقع الحال … حال أصحاب العيال ومع هؤلاء كانت اللقاءات الآتية : إبراهيم محفوض، قال : هل تصدقني أنني أتمنى أن يبتعد العيد كي لا أجد نفسي مكسوراً أمام أطفالي، عاجزاً عن تلبية ولو جزء يسير من احتياجاتهم في العيد ، أقول للعيد : ليتك لم تصل لكي لا تزيد في حزني . سألته: كم لديك من الأطفال؟ قال ثلاثة. وأردف لك أن تتصور إذا ماكنت أتيت بقطعه ثياب واحد لكل منهم فهل يكفي الراتب المسكين. مواطن آخر وقف أمام منزلي ينتظر واسطة نقل عابراً لقد رأيته مثقلاً بالأحمال قد فَضي فضولي للدردشة قليلاً معه فبادرته بالسؤال : يبدو أنك تستحضر للعيد جيداً قال : أي ّ عيد يا أخي هذه احتياجاتي اليومية، أما العيد فليس له ممر ولا مستقر في بيوتنا نحن تركنا العيد وفرح العيد ولباس العيد منذ سنوات طويلة ، اكتشفت معها أنه أحد المهجرين من محافظة أخرى جاء إلى اللاذقية بعد أن حاصرت المجموعات المسلحة بيته (جسر الشغور) فنجا بأطفاله مخلّفاً وراءه كل شيء، سألت الله أن يتلطف بعباده وتركته على حالٍ لايحسد عليه. أم سامر قالت : العيد للصغار وواجب علينا أن نوزع الفرح عليهم ولهذا عُدت من السوق بعد أن اشتريت اللباس الجديد لأطفالي وليس من المهم بعد ذلك أن نقضي شهراً للعَوز والحاجة المهم أن لا يشعر أطفالي بالدّونية تجاه بقية الأطفال الذين يلتقون معهم في الشارع والحديقة والمدرسة وغير ذلك. حال الناس يكون متشابهاً باستثناء شريحة مجتمعية قليلة العدد قياساً بالسواد الأعظم من الناس. هؤلاء يمر العيد عليهم ثقيلاً ومع ذلك يتحضرون له كلٍ حسب إمكاناته والمهم بالنسبة للجميع أن يفرح أطفالهم بالعيد وماعدا ذلك فالعيد بالنسبة لهم أياماً تمر كمثيلاتها مثقلة بالهموم ومصاعب العيش ومتطلبات الحياة. ونحن على أبواب العيد نقول للجميع كل عام وأنتم بخير وإن شاء الله محنتنا إلى زوال.
غياث طراف