الوحدة: 7- 7- 2022
يتسلل الوقت من بين أصابع الزمن، وتدور رحى الأيام ، وتطحن بين شقيها كل شيء، تطحن الفرح كما تطحن الحزن ، ويظل الإنسان على رغم كل شيء هو قطب الرحى .
وبين عام يأتي وعام يذهب ، وعيد يطل وآخر يغيب ، تستمر عجلة الأحداث في دورانها العجيب . فها هو العيد يأتي محملاً بابتسامات لا توشك أن تمسحها الليالي، وللعيد على رغم كل الآلام فرحه وألوانه ، وللعيد في ذاكرة كل واحد منا مواقف لاتنسى، خاصة عندما كان العالم غير هذا العالم ، وكان الناس أقرب لإنسانيتهم من الآن بكثير ، على الرغم من ضيق ذات يد أكثرهم. ولكن القلوب كانت ثرية بالحب ، والنفوس بسيطة متبسطة ، لم تعمها ترهات الدنيا وزخارفها الزائلة ! فماذا حدث يا ترى، فأفقد الأشياء معانيها ؟
وما هذا اللهاث الذي يقطع الأنفاس خلف ( العارية المردودة ) ؟. أليس لنا في مرور الزمن عظة وعبرة ؟
فأين من مانوا خلف ظهرانينا قبل عام واحد ؟ أين هم يا ترى ؟
فهل الحياة فقط ماديات يتلهى بها الناس منصرفين عن حقائق الوجود الكبرى ، وناموس الحياة الأبدي الذي لا يتغير مهما تغير الناس ؟ ثم أليس من الواجب على الإنسان،وهو يرى ما يرى من أحداث جسام ، أن يعيد حساباته ، ويراجع دفاتر أيامه ليكتشف أين يقع الخلل في حياته ؟ وأين مكامن الضعف في علاقاته مع نفسه قبل تصحيح وضع علاقاته مع الآخرين ؟.
ولعل في المناسبتين المتوافقتين فرصة ذهبية لإعادة جردة الحسابات ، فيستغل المقصر في حق أهله وأقاربه فرصة العيد ليعيد المياه إلى مجاريها، وإن اقتراب حلول العيد تقتضي من كل عاقل أن يفحص ما مر به، ويعرف أين أصاب وأين أخطأ ، فنحن بين أمرين ، إما أن نحاسب الأيام فنكسب،وإما أن تحاسبنا الأيام فنخسر، ولا ثالث للأمرين أبداً ، ولنا عبرة في كل من كان قبلنا من الناس ، فماذا يا ترى أعددنا للعيد ؟
هل فقط أعددنا له الموائد العامرة والملابس الفاخرة والمظاهر الباهرة ؟. أم أعددنا له القلوب الصافية والنفوس الراضية ، والأرواح المطمئنة ؟.
وفي اعتقادي أننا إذا استطعنا أن نعد من الاثتين معاً، فلا بأس بذلك أما أن نقصر ما أعددناه للعيد فقط على الماديات ، فإن أي إنسان يشبع من ثالث لقمة ، وأي لباس مهما كان فاخراً فإن إبهاره لا يستمر سوى دقائق ، ولكن الذي يبقى هو الأمور القلبية الباطنة ، فهي أدوم بكثير من القشور الظاهرة التي لا تلبث أن تفقد بريقها بعد حين،ولهذا فإنني أتمنى من كل قلبي أن يكون جميع القراء الكرام ، قد أعدوا للعيد فرحاً لا ينقضي، وسعادة لا تنتهي،من خلال صلة الأقارب،خاصة من اعتادوا منهم أن يلقوهم في الأعياد..
وگل عام وأنتم بخير
لمي معروف