تراثنا السّاحلي حيٌّ في نبض الأدب

الوحدة 8-6-2022

 

 في معرض حديثنا عن التراث الساحلي وما يحمله من خصوصية وحميمية عند استذكار تفاصيل حياة أجدادنا، لابدّ من الوقوف عند كتابات أحد أعمدة الصحافة في الساحل خصوصاً وسورية عموماً، الأديب الراحل سهيل خليل، الذي ما ادّخر مناسبةً ولا احتفالاً إلا وعبّر عن شغفه وحبّه الأزلي لهذا الريف العظيم. ففي كتابه (حكايات من قرية سربيون) تعبق رائحة الطيون وشذا الحبق والجوري والريحان، مائة وإحدى وسبعون قصة يرويها لنا الأديب سهيل خليل تسترق منا البسمة والضحكة في عفويتها وبساطة عرضها، عادات وتقاليد وطقوس ساحلنا الجميل حاضرةٌ على لسان شخوصها وعناوينها. يتحدث الكاتب عن شخصيات حقيقية عاصرها أو سمع عنها، مستخدماً مفردات الريف العتيقة بلغة فصيحة لم تخلُ من بعض المصطلحات العامية، في سرد روحي يصوغ فيه الكاتب شغفه بقريته التي أحبّ (سربيون) يضمّنه قالباً من الطرافة والعفوية والغرابة، في توليفة واقعية تحاكي مشاهد متكاملة تتقاطع في أحداثها وأسمائها وخيوطها. فيما يستذكر فصول قريته الجميلة الوادعة، فها هي شتاءاتها تتعاقب حاملةً في جعبتها رعود كانون وأمطاره المنهمرة ودروبه المقفرة، وعلى نوافذه ينقر المطر لحناً شبيهاً بإيقاع القلب. ولنساء قريته الجميلات في حضورهن وعلاقاتهن مع أبنائهن وجيرانهن سردٌ شفيفٌ يليق بأناقة عاداتهن وطرق حياتهن التي كانت على بساطتها تدّخر كمّاً من الجمال والطيبة والمحبة. مفردات كثيرة وردت في هذا الكتاب، أرض وسماء، موت وحياة، صلاحٌ ولهوٌ، مؤونة وشتاء، قصص مات أبطالها وبقيةٌ على قيد الحياة، بصدق كبير يروي الكاتب حكاياته ورواياته، مستحضراً شموخ وشجاعة وبطولة أناسٍ غادرونا ومايزال نبض أبنائهم وأحفادهم حياً بيننا.

ريم جبيلي

تصفح المزيد..
آخر الأخبار